وَمِنْهُ اللَّفُّ وَالنَّشْرُ، وَهُوَ ذِكْرُ مُتَعَدِّد عَلَى التَّفْصِيلِ أَو الْإِجْمَالِ ثُمَّ ما لِكُلِّ وَاحِد مِنْ غَيْرِ تَعْيين ثِقَةً بِأَنَّ السَّامِعَ يَرُدُّهُ إلَيْهِ، فالْأَوَّلُ ضَرْبَانِ: لِأَنَّ النَّشْرَ إمَّا عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ نَحْوُ ـ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ـ وَإمَّا عَلَى غَيْرِ تَرْتِيبِهِ كَقَوْلِهِ:

كَيْفَ أسْلُو وَأنْتِ حِقْفٌ وَغُصْنٌ

وَغَزَالٌ لَحَظاً وَقَدّاً وَرِدْفَا


[ومنه] أي ومن المعنوى.

[اللف والنشر

وهو ذكر متعدد على التفصيل أو الاجمال ثم] ذكر [ما لكل واحد] من آحاد هذا المتعدد [من غير تعيين ثقة] أي الذكر بدون التعيين لأجل الوثوق [بأن السامع يرده إليه] أي يرد ما لِكُلٍّ من آحاد هذا المتعدد إلى ما هو له، لعلمه بذلك بالقرائن اللفظية أو المعنوية [فالأول] وهو أن يكون ذكر المتعدد على التفصيل [ضربان: لأن النشر إما على ترتيب اللف] بأن يكون الأول من المتعدد في النشر للأول من المتعدد في اللف، والثاني للثاني وهكذا إلى الآخِرِ [نحو ـ ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله] ذكر الليل والنهار على التفصيل، ثم ذكر ما لليل وهو السكون فيه وما للنهار وهو الابتغاء من فضل الله فيه على الترتيب، فإن قيل عدم التعيين في الآية ممنوع، فإن المجرور من ـ فيه ـ عائد إلى الليل لا محالة، قلنا نعم(١) ولكِنْ باعتبار احتمال أن يعود إلى كل من الليل والنهار يتحقق عدم التعيين [وإما على غير ترتيبه] أي ترتيب اللف سواء كان معكوس الترتيب [كقوله: كيف أسلو وأنت حقف] وهو النَّقَا من الرمل [وغصن * وغزال لحظا وقدا وردفا(٢)] واللحظ للغزال، والقد للغصن،

__________________

(١) أي مُسَلَّمٌ أنه راجع إلى الليل نظرا إلى الواقع، وأما بالنظر إلى اللفظ فيحتمل رجوعه إلى النهار، وحينئذ فلا تعيين فيه بحسب اللفظ.

(٢) البيت لابن حَيُّوس الأشْبِيلِيِّ من شعراء الدولة العباسية.

۵۲۰۱