وَأَمَّا وَصْفُهُ فَلِكَوْنِهِ مُبَيِّناً لَهُ كَاشِفاً عَنْ مَعْنَاهُ، كَقَوْلِكَ ـ الْجِسْمُ الطَّوِيلُ الْعَرِيضُ الْعَمِيقُ يَحْتَاجُ إلَى فَرَاغ يَشْغَلُهُ، وَنَحْوُهُ فِى الْكَشْفِ قَوْلُهُ:

الْأَلْمَعِيُّ الَّذِي يَظُنُّ بِكَ الظَّـ

ـنَّ كَأَن قَدْ رَأَى وَقَدْ سَمِعَا


للتأكيد، لأن مصدر ـ ضَرَبْتُهُ ـ لا يحتمل غير الضرب، والمستثني منه يجب أن يكون متعددا يحتمل المستثنى وغيره، واعلم أنه كما أن التنكير الذي في معنى البعضية يفيد التعظيم فكذلك صريح لفظة البعض، كما في قوله تعالى ـ ﴿وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَات ـ أراد محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، ففي هذا الابهام من تفخيم فضله وإعلاء قدره ما لا يخفى.

[وأما وصفه] أي وصف المسند إليه، والوصف قد يطلق على نفس التابع المخصوص، وقد يطلق بمعنى المصدر، وهو أنسب ههنا وأوفق بقوله ـ وأما بيانه، وأما الابدال منه ـ أي وأما ذكر النعت له [فلكونه] أي الوصف بمعنى المصدر، والأحسن أن يكون بمعني النعت، على أن يراد باللفظ أحد معنييه وبضميره معناه الآخر على ما سيجىء في البديع(١) [مبينا له] أي للمسند إليه [كاشفا عن معناه، كقولك ـ الجسم الطويل العريض العميق يحتاج إلى فراغ يشغله] فإن هذه الأوصاف مما يوضح الجسم ويقع تعريفا له [ونحوه في الكشف] أي مثل هذا القول في كون الوصف للكشف والإيضاح وإن لم يكن وصفا للمسند إليه [قوله

الألمعى الذى يظن بك الظـ

ـن كأن قد رأي وقد سمعا(٢)]

فإن الألمعى معناه الذكى المتوقد، والوصف بعده مما يكشف معناه ويوضحه، لكنه ليس بمسند إليه لأنه إما مرفوع على أنه خبر إن في البيت السابق، أعني قوله.

__________________

(١) لأنه من الاستخدام المعدود من المحسنات البديعية.

(٢) هو لأوس بن حجر من شعراء الجاهلية.

۵۲۰۱