الْجَمْعُ مَعَ التَّفْرِيقِ وَالتَّقْسِيمِ، كَقَوْلِهِ تَعَالي ـ يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إلاَّ بِإذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ، فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِى النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرُ وَشَهِيقٌ، خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالاْرْضُ إلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ إنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، وَأمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالاْرْضُ إلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذ.


[الجمع مع التفريق والتقسيم]

وتفسيره ظاهر مما سبق فلم يتعرض له [كقوله تعالى ـ يوم يأت] يعنى يأتى الله أي أمره أو يأتي اليوم أي هَوْلُهُ، والظرف منصوب باضمار اذكر أو بقوله [لا تكلم نفس] أي بما ينفع من جواب أو شفاعة [إلا بإذنه فمنهم] أي من أهل الموقف [شقى] مَقْضِيٌّ له بالنار [وسعيد] مَقْضِيٌّ له بالجنة [فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير] إخراج النَّفَسِ بشدة [وشهيق] رَدُّهُ بشدة [خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض] أي سماوات الآخرة وأرضها(١) أو هذه العبارة كناية عن التأييد ونَفْيِ الانقطاع(٢) [إلا ما شاء ربك] أي إلا وقت مشيئة الله تعالى [إن ربك فعال لما يريد] من تخليد البعض كالكفار، وإخراج البعض كالفساق [وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ] أي غير مقطوع بل ممتد لا إلي نهاية، ومعنى الاستثناء في الأول أن بعض الأشقياء لا يخلدون في النار كالعصاة من المؤمنين الذين شقوا بالعصيان، وفي الثاني أن بعض السعداء لا يخلدون في الجنة بل يفارقونها ابتداءً يعنى أيَّامَ عذابهم كالفساق من المؤمنين الذين سعدوا بالايمان، والتأييد من مبدإ معين كما ينتقض باعتبار الانتهاء فكذلك باعتبار الابتداء، فقد جمع الأنفس بقوله ـ لا تكلم نفس ـ ثم فرق بينهم بأن بعضهم

__________________

(١) وهي دائمة باقية.

(٢) وإن كانت السماوات والأرض غير باقيتين، كقولهم ـ لا أفعل كذا ما أقام ثَبِيرٌ.

۵۲۰۱