وَأَمَّا فَصْلُهُ فَلِتَخْصِيصِهِ بِالْمُسْنَدِ.

وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ فَلِكَوْنِ ذِكْرهِ أَهَمَّ، إمَّا لِأَنهُ الأصلُ وَلاَ مُقْتَضِيَ لِلْعُدُولِ عَنْهُ،


أَوْ فِي ضَلاَل مُبِين أو للتخير أو للاباحة نحو ـ لِيَدْخُلِ الدَّارَ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو ـ والفرق بينهما أن في الاباحة يجوز الجمع بينهما بخلاف التخيير.

[وأما فصله] أي تعقيب المسند إليه بضمير الفصل، وإنما جعله من أحوال المسند إليه لأنه يقترن به أوّلاً، ولأنه في المعنى عبارة عنه وفي اللفظ مطابق له [فلتخصيصه ]أي المسند إليه [بالمسند] يعنى لقصر المسند على المسند إليه(١) لأن معنى قولنا ـ زَيْدٌ هُوَ الْقَائِمُ، أن القيام مقصور على زيد لا يتجاوزه إلى عمرو، فالباء في قوله ـ فلتخصيصه بالمسند ـ مثلها في قولهم ـ خَصَصْتُ فلانا بالذكر ـ أي ذكرته دون غيره، كأنك جعلته من بين الأشخاص مختصا بالذكر، أي منفردا به، والمعنى ههنا جعل المسند إليه من بين ما يصح اتصافه بكونه مسندا إليه مختصا بأن يثبت له المسند، كما يقال ـ إيَّاكَ نَعْبُدُ ـ معناه نخصك بالعبادة ولا نعبد غيرك.

[وأما تقديمه] أي تقديم المسند إليه [فلكون ذكره أهم] ولا يكفى في التقديم مجرد ذكر الاهتمام، بل لابد من أن يبين أن الاهتمام من أى جهة وبأى سبب، فلذا فصله بقوله [إما لأنه] أي تقديم المسند إليه [الأصل] لأنه المحكوم عليه، ولابد من تحققه قبل الحكم، فقصدوا أن يكون في الذكر أيضا مقدما [ولا مقتضى للعدول عنه]

__________________

(١) فتكون الباء في قوله ـ فلتخصيصه بالمسند ـ داخلة على المقصور لا على المقصور عليه.

تطبيقات على تقييد المسند إليه بضمير الفصل:

١ـ قوله تعالى ـ ﴿إنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ:

٢ـ وَكَائِنْ بالأباطح من صديق

تراهُ لو أُصِبْتُ هو الْمُصَابَا

أتى بضمير الفصل في الأول لقصر المسند وهو ـ الرزاق ـ على المسند إليه وهو ـ لفظ الجلالة ـ وفي الثاني لقصر المسند وهو ـ المصاب ـ على المسند إليه وهو ضمير الغائب في قوله ـ تراه ـ.

۵۲۰۱