فَصْلٌ

حُسْنُ كُلٍّ مِنَ التَّحْقِيقِيَّةِ وَالتَّمْثِيلِ بِرِعَايَةِ جِهَاتِ حُسْنِ التَّشْبِيهِ، وَأَلاَّ يُشَمَّ رَائِحتُهُ لَفْظاً وَلِذلِكَ يُوَصَّى أَنْ يَكُونَ الشَّبَهُ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ جَلِيّاً لِئَلاَ تَصِيرَ إلْغازاً، كَمَا لَوْ قِيلَ ـ رَأَيْتُ أَسَداً ـ وَأُرِيدَ إنْسَانٌ أَبْخَرُ ـ وَرَأَيْتُ إبِلاً مائَةً لاَ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً ـ وَأُرِيدَ النَّاسُ،


[فصل] في شرائط حسن الاستعارة

[حسن كل من] الاستعارة [التحقيقية والتمثيل] على سبيل الاستعارة [برعاية جهات حسن التشبيه] كأن يكون وجه الشبه شاملا للطرفين(١) والتشبيه وافيا بافادة ما عُلِّقَ به من الغرض، ونحو ذلك(٢) [وألا يشم رائحته لفظا] أي وبألاَّ يَشُمَّ شيء من التحقيقية والتمثيل رائحة التشبيه من جهة اللفظ، لأن ذلك يبطل الغرض من الاستعارة أعنى ادِّعَاءَ دخول المشبه في جنس المشبه به، لِمَا في التشبيه من الدلالة على أن المشبه به أقوي في وجه الشبه [ولذلك] أي ولأن شرط حسنه ألاَّ يُشَمَّ رائحة التشبيه لفظا [يوصى أن يكون الشبه] أي ما به الْمُشَابَهَةُ [بين الطرفين جليا] بنفسه أو بواسطة عُرْف أو اصطلاح خاصٍّ [لئلا تصير] الاستعارة [إلغازا] وتعمية إن رُوعِيَ شرائط الحسن ولم تُشَمَّ رائحة التشبيه(٣) وإن لم يُرَاعَ فات الحسن، يقال ـ الْغَزَ في كلامه إذا عَمَّى مراده ـ ومنه اللُّغَزُ(٤) وجمعه ألغاز مثل رُطَب وأرطاب [كما لو قيل] في التحقيقية [رأيت أسدا ـ وأريد إنسان أبخر] فوجه الشبه بين الطرفين خفي [و] في التمثيل [رأيت إبلا مائة لا تجد فيها راحلة ـ وأريد الناس] من قوله عليه‌السلام : الناس كابل مائة

__________________

(١) المراد ظاهر الشمول لهما، لأن أصل الشمول شرط في صحة التشبيه لا حسنه.

(٢) كأن يكون وجه الشبه غير مبتذل، ويستثنى من رعاية جهات حسن التشبيه في حسن الاستعارة ما يأتي في قوله ـ ويتصل به أنه إذا قوى الشبه بين الطرفين الخ.

(٣) لأنه إذا لم تشم رائحته كان خفيا، فإذا ضم إلى هذا خفاء وجهه زاد خفاؤه وكان إلغازا.

(٤) هو المعنى الْمُلْغَزُ فيه، أو اللفظ المستعمل في ذلك المعنى.

۵۲۰۱