وَالْأَصْلُ فِيهِ أنَّ النَّصَارَى كَانُوا يَغْمِسُونَ أوْلاَدَهُمْ في مَاء أصْفَرَ يُسَمُّونَهُ المَعْمُودِيَّةَ وَيَقُولُونَ إنَّهُ تَطْهِيرٌ لَهُمْ، فَعَبَّرَ عَنِ الاْيمَانِ باللهِ بِصِبْغَةَ اللهِ لِلْمُشَاكَلَةِ بِهذِهِ الْقَرِينَةِ.

وَمِنْهُ الْمُزَاوَجَةُ، وَهِيَ أنْ يُزَاوَجَ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ في الشَّرْطِ وَالجَزَاءِ، كَقَوْلِهِ


بالله ـ ثم أشار إلى وقوع تطهير الله في صحبة ما يعبر عنه بالصبغ تقديرا بقوله [والأصل فيه] أي في هذا المعنى وهو ذكر التطهير بلفظ الصبغ [أن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه المعمودية ويقولون إنه] أي الغمس في ذلك الماء [تطهير لهم] فإذا فعل الواحد منهم بولده ذلك قال الآن صار نصرانيا حَقّاً، فأمر المسلمون بأن يقولوا للنصارى: قولوا آمنا بالله وصبغنا الله بالايمان صبغة لا مثل صبغتنا وطهرنا به تطهيرا لا مثل تطهيرنا، هذا إذا كان الخطاب في قوله ـ قولوا آمنا بالله ـ للكافرين، وإن كان الخطاب للمسلمين فالمعنى أن المسلمين أمروا بأن يقولوا: صبغنا الله بالايمان صِبْغَةً ولم نُصْبَغْ صبغتكم أيها النصارى [فعبر عن الايمان بالله بصيغة الله للمشاكلة] لوقوعه في صحبة صبغة النصاري تقديرا [بهذه القرينة] الْحَالِيَّةِ التي هي سبب النزول من غمس النصارى أولادهم في الماء الأصفر وإن لم يذكر ذلك لفظا.

[ومنه] أي ومن المعنوى.

[المزاوجة

وهي أن يزاوج] أي يُوقَعَ المزاوجة على أن الفعل مسند إلى ضمير المصدر أو إلى الظرف(١) أعنى قوله [بين معنيين في الشرط والجزاء] والمعنى يُجْعَلُ معنيان واقعان في الشرط و الجزاء مُزْدَوِجَيْنِ في أن يُرَتَّبَ على كل منهما معنى رتب على الآخر

__________________

(١) أي على القول بأن ـ بين ـ ظرف متصرف غير ملازم للنصب على الظرفية.

۵۲۰۱