وَمِنْهُ الاِسْتِخْدَامُ، وَهُوَ أَنْ يُرَادَ بِلَفْظ لَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدُهُمَا ثُمَّ يُرَادَ بِضَمِيرِهِ الآخَرُ أَوْ يُرَادَ بِأَحَدِ ضَمِيرَيْهِ أَحَدُهُمَا ثُمَّ بِالآخَرِ الآخَرُ، فالْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ:
للمفردات حقيقة أو مجاز.
[ومنه] أي ومن المعنوى.
[الاستخدام
وهو أن يراد بلفظ له معنيان أحدهما ثم يراد بضميره] أي بالضمير العائد إلى ذلك اللفظ(١) معناه [الآخر، أو يراد بأحد ضميريه أحدهما] أي أحد المعنيين [ثم بالآخر] أي بضميره الآخر معناه [الآخر] وفي كِلِيْهِمَا يجوز أن يكون المعنيان حَقِيقِيَّيْنِ، وأن يكونا مَجَازِيَّيْنِ، وأن يكونا مختلفين(٢) [فالأول] وهو أن يراد باللفظ أحد المعنيين وبضميره معناه الآخر [كقوله:
__________________
١ـ أرَى العقد في ثَغْرِهِ مُحْكَماً
يرينا الصِّحَاحَ من الْجَوْهَرِ
٢ـ حملناهُمُ طُرّاً على الدُّهْمِ بعدما
خلعنا عليهم بالطِّعَانِ ملابساً
في الأول تورية مجردة في قوله ـ الصحاح ـ فإنه يوهم الكتاب الجوهرى في اللغة، ومراده أسنان محبوبه الشبيهة بالجواهر الصحاح بقرينة قوله ـ في ثغره ـ وهو مما يلائم المعنى البعيد، وفي الثاني تورية مرشحة في قوله ـ الدهم ـ فإنه يوهم الخيول السود، ومراده القيود من الحديد، وقوله ـ حملناهم ـ مما يناسب المعنى القريب.
(١) وقد يأتى الاستخدام في اسم الاشارة ونحوها كما في قوله:
رأي الْعَقِيقَ فأجرى ذاك نَاظِرُهُ
مُتَيَّمٌ لَجَّ في الأشواق خَاطِرُهُ
(٢) وقد يكون الاستخذام في أكثر من معنيين كما في قول ابن الوردى:
وَرُبَّ غزالة طلعتْ
بقلبى وَهْوَ مَرْعَاهَا
نصبتُ لها شِبَاكاً مِنْ
لُجَيْنِ ثم صِدْنَاهَا
فقالتْ لي وقد صِرْنَا
إلى عين قصدناها
بذلتَ العين فاكحلْهَا
بِطَلْعَتِهَا ومَجْرَاها