وَأَمَّا تَقْيِيدُهُ بِالشَّرْطِ فَلإعْتِبَارَات لاَتُعْرَفُ إِلاَّ بِمَعْرِفَةِ مَا بَيْنَ أَدَوَاتِهِ مِنَ التَّفْصِيلِ، وَقَدْ بُيِّنَ ذلِكَ فِي عِلْمِ النَّحْوِ،


العلم بالْمُقَيَّدَاتِ أو نحو ذلك.

[وأما تقييده] أي الفعل [بالشرط] مثل ـ أُكْرِمُكَ إنْ تُكْرِمْنِي، وَإنْ تُكْرِمْنِي أُكْرِمْكَ [فلاعتبارات] وحالات تقتضى تقييده به [لا تعرف إلا بمعرفة ما بين أدواته ]يعنى حروف الشرط وأسماءه [من التفصيل، وقد بين ذلك] أي التفصيل [في علم النحو] وفي هذا الكلام إشارة إلي أن الشرط في عرف أهل العربية قيد لحكم الجزاء(١) مثل المفعول ونحوه، فقولك ـ إن جئتنى أكرمك ـ بمنزلة قولك ـ أكرمك وقت مجيئك إيَّايَ ـ ولا يخرج الكلام بهذا القيد عما كان عليه من الخبرية والإنشائية، بل إن كان الجزاء خبرا فالجملة الشرطية خبرية، نحو ـ إن جئتنى أكرمك ـ وإن كان إنشائيا فانشائية نحو ـ إن جاءك زيد فأكرمه ـ وأما نفس الشرط فقد أخرجته الأداة عن الخبرية واحتمال الصدق والكذب، وما يقال من أن كُلاَّ من الشرط والجزاء خارج عن الخبرية واحتمال الصدق والكذب وإنما الخبر هو مَجْمُوعُ الشرط والجزاء المحكومُ فيه بلزوم الثاني للأول فإنما هو اعتبار المنطقيين، فَمَفْهُومُ قولنا ـ كلما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود ـ باعتبار أهل العربية الْحُكْمُ بوجود النهار في كل وقت من أوقات طلوع الشمس، فالمحكوم عليه هو النهار، والمحكوم به هو الوجود، وباعتبار المنطقيين الحكم بلزوم وجود النهار لطلوع الشمس، فالمحكوم عليه طلوع الشمس والمحكوم به وجود النهار، فَكَمْ مِنْ فرق بين الاعتبارين.

__________________

(١) محل هذا عندهم إذا لم تكن أداة الشرط اسما وجعلنا خبرها جزاء الشرط أو مجموعهما، فإذا جعلنا خبرها الشرط وحده كان الكلام هو الجزاء، والشرط قيد له كما في أداة الشرط إذا كانت حرفا، وهذا هو الأصح عند النحاة.

۵۲۰۱