كما قالَ تَعَالي حِكَايَةً عَنْ رُسُلِ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ إذْ كُذِّبُوا فِي المَرِّةِ الأَولَى (إنَّا إلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) وَفِي الثَانِيَةِ (إنَّا إلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) وَيُسَمِّي الضَّرْبُ الأَوَّلُ ابْتِدَائِياً، وَالثَّانِي طَلَبِيّاً، والثَّالِثُ إنْكارِيّاً، وَإخْرَاجُ الْكَلاَمِ عَلَيْها إخْرَاجاً عَلَى مُقْتضى الظَّاهِرِ،


يجب زيادة التأكيد بحسب ازدياد الانكار إزالةً له [كما قال تعالي حكاية عن رسل عيسى عليه‌السلام إذ كذبوا في المرة الأولى ـ إنَّا إلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ] مؤكدا بأنَّ واسمية الجملة [وفي ]المرة [الثانية] رَبَّنَا يَعْلَمُ [إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ] مؤكدا بالقسم وإنَّ واللام واسمية الجملة، لمبالغة المخاطبين في الانكار، حيث قالوا ﴿مَا أَنْتُمْ إلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْء إنْ أَنْتُمْ إلاَّ تَكْذِبُونَ وقوله إذ كذبوا مبنى على أن تكذيب الاثنين تكذيب للثلاثة وإلا فالْمُكَذَّبُ أوَّلاَ اثنان(١) [ويسمى الضرب الأول ابتدائيا والثاني طلبيا والثالث إنكاريا و] يسمى [إخراج الكلام عليها] أي على الوجوه المذكورة، وهي الخلو عن التأكيد في الأول، والتقوية بمؤكد استحسانا في الثاني، ووجوب التأكيد بحسب الانكار في الثالث [إخراجها على مقتضى الظاهر ]وهو أخص مطلقا من مقتضى الحال، لأن معناه مقتضى ظاهر الحال، فكل مقتضى الظاهر مقتضى الحال من غير عكس(٢)

__________________

(١) لقوله تعالى ﴿إذْ أَرْسَلْنَا إلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِث الآية.

(٢) لأن ظاهر الحال هو ما يكون له ثبوت في الواقع كانكار المنكر ونحوه، أما الحال فقد يكون ثابتا في الواقع وقد يكون غير ثابت فيه، كتنزيل غير السائل منزلة السائل، فهو أمر يعتبره المتكلم وليس له ثبوت في الواقع.

تطبيقات على أغراض الخبر وأضربه:

١ـ ذهب الذين يُعَاشُ في أكنافِهِمْ

وبَقِيتُ فِي خَلَف كَجِلْدِ الأجربِ

٢ـ لئن كنتُ محتاجاً إلى الحلم إنَّنِي

إلى الجهل في بعض الأحايِينِ أحْوَجُ

فالأول يقصد منه إظهار الضعف، والثاني من الضرب الإنكارى، والتأكيد فيه بلام القسم وإنَّ.

۵۲۰۱