[مقدمة الكتاب]

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلّهِ عَلَى ما أَنْعَمَ، وَعَلَّمَ مِنَ البَيانِ مَا لَمْ نَعْلَمْ، واَلصلاةُ واَلسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّد خَيْرِ مَنْ نَطَقَ بالصَّوابِ، وَأَفْضلِ مَنْ أُوتِيَ الحِكْمةَ وَفَصْلَ الخِطابِ، وَعَلَى آلِهِ


[بسم الله الرحمن الرحيم الحمد] هو الثناء باللسان على قصد التعظيم سواء تعلق بالنعمة أو بغيرها، والشكر فعل ينبىء عن تعظيم المنعم لكونه منعما سواء كان باللسان أو بالجنان أو بالأركان، فمورد الحمد لا يكون إلا اللسان، ومُتَعَلَّقُه يكون النعمة وغيرها، ومُتَعَلَّقُ الشكر لا يكون إلا النعمة، ومورده يكون اللسان وغيره، فالحمد أعم من الشكر باعتبار المتعلق، واخص باعتبار المورد، والشكر بالعكس [لله] هو اسم للذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد، والعدول إلى الجملة الاسمية للدلالة على الدوام والثبات، وتقديم الحمد باعتبار أنه أهم نظرا إلى كون المقام مقام الحمد، كما ذهب إليه صاحب الكشاف في تقديم الفعل في قوله تعالى ﴿إقْرَأَ بِاسْمِ رَبِّكَ على ما سيجىء بيانه، وإن كان ذكر الله أهم نظرا إلى ذاته [على ما أنعم] أي على إنعامه، ولم يتعرض للمنعم به إيهاما لقصور العبارة عن الاحاطة به، ولئلا يتوهم اختصاصه بشيء دون شيء [وعلم ]من عطف الخاص على العام رعاية لبراعة(١)الاستهلال، وتنبيها على فضيلة نعمة البيان [من البيان] بيان لقوله [ما لم نعلم] قُدِّمَ رعاية للسجع، والبيان هو المنطق الفصيح المُعْرب عما في الضمير [والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير من نطق بالصواب وأفضل من أوتى الحكمة] هي علم الشرائع وكل كلام وافق الحق، وترك فاعل الايتاء لأن هذا الفعل لا يصلح إلا لله تعالى [وفصل الخطاب] أي الخطاب المفصول الْبَيِّن الذي يتبينه من يخاطب به ولا يلتبس عليه، أو الخطاب الفاصل بين الحق والباطل [وعلى آله] أصله أهل بدليل اهيل،

__________________

(١) براعة الاستهلال هي أن يأتي في أول المقصود بما يشعر به.

۵۲۰۱