فالْوَصْلُ مُتَعَيِّنٌ.

أَمَّا كَمَالُ الانْقِطاعِ فَلاِخْتِلاَفِهِما خَبَراً وَإنْشَاءً لَفْظاً وَمَعْنىً، نَحْوُ:

وَقالَ رَائِدُهُمْ أرْسُوا نُزَاوِلُهَا

فَكُلُّ حَتْفِ امْرِىء يَجْرِى بِمِقْدارِ


أحدهما [فالوصل متعين] لوجود الداعي وعدم المانع.

والحاصل أن للجملتين اللتين لا محل لهما من الاعراب ولم يكن للأولى حكم لم يقصد إعطاؤه للثانية ستة أحوال: الأول كمال الانقطاع بلا إيهام، الثاني كمال الاتصال، الثالث شبه كمال الانقطاع، الرابع شبه كمال الاتصال، الخامس كمال الانقطاع مع الايهام، السادس التوسط بين الكمالين، فحكم الأخيرين الوصل، وحكم الأربعة السابقة الفصل، فأخذ المصنف في تحقيق الأحوال الستة فقال [أما كمال الانقطاع] بين الجملتين [فلاختلافهما خبرا وإنشاء لفظا ومعنى] بأن تكون إحداهما خبرا لفظا ومعنى والأخرى إنشاء لفظا ومعنى [نحو ـ وقال رائدهم] هو الذي يتقدم القوم لطلب الماء والْكَلَأِ [أرسوا] أي أقيموا، من ـ أرْسَيْتُ السفينة ـ حبستها بالْمرْسَاة(١) [نزاولها] أي نحاول تلك الحرب ونعالجها [فكل حتف امرىء يجرى بمقدار](٢) أي أقيموا نقاتل، فإن موت كل نفس يجرى بقدر الله تعالى،

__________________

(١) المرساة بكسر الميم حديدة تلقى في الماء متصلة بالسفينة فتقف، وبفتحها مكان الرُّسُوِّ.

(٢) البيت للأخطل وهو من شعراء الدولة الأموية.

تطبيقات على الفصل لكمال الانقطاع:

١ـ قوله تعالى ـ ﴿أإذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ.

٢ـ إنما المرءُ بأصغريْهِ

كُلُّ امرىء رَهْنٌ بما لَدْيهِ

فصل في الأول لاختلاف الجملتين خبرا وإنشاء، وفي الثاني لأنه لا جامع بينهما.

أمثلة أخرى:

١ـ جَزَي الله الشدائد كُلَّ خَيْر

عرفتُ بها عَدُوِّى من صديقى

٢ـ الْفَقْرُ فيما جاوز الْكَفَافَا

من اتَّقَى الله رَجَا وخَافَا

۵۲۰۱