وَأَدَاتُهُ الْكافُ وَكَأَنَّ وَمِثْلُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَالْأَصْلُ في نَحْوِ الْكافِ


الأوهام نظرا إلى ظاهر اللفظ أن وجه الشبه في قولنا للجبان ـ هو أسد ـ وللبخيل ـ هو حاتم ـ هو التضاد المشترك بين الطرفين باعتبار الوصفين المتضادين، وفيه نظر، لأنا إذا قلنا ـ الجبان كالأسد في التضاد ـ أي في كَوْنِ كل منهما مُضَادّاً للآخر لا يكون هذا من التمليح والتهكم في شيء، كما إذا قلنا ـ السواد كالبياض في اللَّوْنِيَّةِ أو في التَّقَابُلِ، ومعلوم أنا إذا أردنا التصريح بوجه الشبه في قولنا للجبان ـ هو أسد ـ تمليحا أو تهكما لم يَتَأَتَّ لنا إلا أن نقول في الشجاعة، لكن الحاصل في الجبان إنما هو ضِدُّ الشجاعة، فنزلنا تَضَادَّهُمَا منزلة التناسب، وجعلنا الجبن بمنزلة الشجاعة على سبيل التمليح والهزؤ.

[وأداته]

أي أداة التشبيه [الكاف وكأن] وقد تستعمل عند الظن بثبوت الخبر من غير قصد إلى التشبيه، سواءٌ كان الخبر جامدا أو مشتقا، نحو ـ كأن زيدا أخوك، وكأنه قائم [ومثل وما في معناه] مما يشتق من المماثلة والمشابهة وما يؤدى هذا المعنى [والأصل في نحو الكاف] أي في الكاف ونحوها(١) كلفظ ـ نحو ومثل وشبه ـ بخلاف ـ كأن ويُمَاثِلُ

__________________

فيه مركب تحقيقي حسي وهو الهيئة المنتزعة من أشياء مجتمعة خلف واحد منها، وطرفاه مركبان حسيان، والثالث وجه الشبه فيه مفرد تحقيقي عقلي وهو قبول التعود للعادات، وطرفاه أحدهما عقلي والآخر حسي.

أمثلة أخرى:

١ـ والبدرُ في أُفُقِ السماء كَغَادَة

بيضاءَ لاحتْ في ثيابِ حِدَادِ

٢ـ إنِّي وتَزْيِينِي بمدحِىَ معشراً

كَمَعُلِّق دُرّاً على خِنْزِيرِ

٣ـ مصر الْأَسِيفَةُ رِيفُهَا وصَعِيدُهَا

قَبْرٌ أَبَرُّ على عظامك حَانِ

(١) أي من كل ما يدخل على المفرد كلفظ مشابه ومماثل ونحوهما.

۵۲۰۱