وَمِنْهُ الْمَذْهَبُ الْكَلاَمِيُّ، وَهُوَ إيرَادُ حُجَّة لِلمَطْلُوبِ عَلَى طَرِيقَةِ أهْلِ الْكَلاَمِ، نَحْوُ ـ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا ـ وَقَوْلِهِ:

حَلَفْتُ فَلَمْ أترُكْ لِنَفسِكَ رَيبَةً

وَلَيْسَ وَراءَ اللهِ لِلْمَرْءِ مَطْلَبُ

لئنْ كُنْتَ قَدْ بُلِّغْتَ عَنِّى وِشَايَةً

لَمُبْلِغُكَ الْوَاشِى أَغَشُّ وَأَكْذَبُ


[ومنه] أي ومن المعنوى:

[المذهب الكلامى

وهو إيراد حجة للمطلوب على طريقة أهل الكلام] وهو أن تكون بعد تسليم المقدمات مستلزمة للمطلوب [نحو ـ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا] واللازم وهو فساد السماوات والأرض باطل، لأن المراد به خروجهما عن النظام الذي هما عليه، فكذا الملزوم وهو تعدد الآلهة، وهذه الملازمة من المشهورات الصادقة التي يكتفى بها في الْخَطَابِيَّاتِ(١)دون القطعيات المعتبرة في البرهانيات(٢)[ وقوله: حلفت فلم أترك لنفسك ريبة *] أي شَكّاً [وليس وراء الله للمرء مطلب *] فكيف يحلف به كاذبا [لئن

__________________

١ـ كَفَى بجسمى نَحُولاً أنني رَجُلٌ

لولا مخاطبتى إيَّاكَ لم تَرَنِى

٢ـ كأنِّي دحوتُ الأرضَ من خُبْرَتِي بها

كأنى بنى الاسكندرُ السَّدَّ من عَزْمِى

٣ـ ويكادُ يخرجُ سرعةً من ظِلِّهِ

لو كان يرعب في فراق رَفِيقِ

في الاول إغراق، لأن عدم رؤيته إياه من النحول ممكن عقلا لا عادة، وفي الثاني غلو غير مقبول، لأنه شبه نفسه بالخالق تعالى في دَحْوِهِ الأرض، وفي الثالث غلو مقبول، لأنه قربه إلى الصحة بلفظة يكاد.

(١) وهي المفيدة للظن.

(٢) لأن تعدد الآلهة ليس قطعى الاستلزام للفساد، لجواز عدم الفساد مع تعددهم بأن يتفقوا، فالدليل على هذا إقناعى لا برهاني، ولو أريد بالفساد عدم وجودهما كانت الملازمة قطعية والدليل برهانيا، لأن التعدد يلزمه جواز الخلاف، وجواز الخلاف يلزمه جواز التمانع، وجواز التمانع يلزمه عجز الاله، وعجز الاله يلزمه عدم وجودهما، وهو باطل بالمشاهدة.

۵۲۰۱