أَحْوَالُ المُسْنَدِ إلَيْهِ

أَمَّا حَذْفُهْ فَلِلاحْترازِ عَنِ الْعَبَثِ بِناءً عَلَى الظَّاهِرِ، أَوْ تَخْيِيلِ الْعُدُولِ إلَى أقْوَى الدَّلِيلَيْنِ مِنْ الْعقْلِ وَاللَّفْظِ، كَقَوْلِهِ:

* قالَ لِي كيْفَ أَنْتَ قلْتُ عَليلُ *

أَوِ اخْتِبارِ تَنَبُّهِ السّامِعِ عِنْدَ الْقَرِينَةِ،


أحوال المسند إليه

أي الأمور العارضة له من حيث إنه مسند إليه، وقدم المسند إليه على المسند لما سيأتي.

[أما حذفه] قَدَّمَهُ على سائر الأحوال لكونه عبارة عن عدم الاتيان به، وعدم الحادث سابق على وجوده، وذكره ههنا بلفظ الحذف وفي المسند بلفظ الترك تنبيها على أن المسند إليه هو الركن الأعظم الشديد الحاجة إليه، حتى إنه إذا لم يُذْكَرْ فكأنه أتى به ثم حذف، بخلاف المسند فإنه ليس بهذه المثابة، فكأنه تُرِكَ من أصله [فللاحتراز عن العبث بناء(١) على الظاهر] لدلالة القرينة عليه، وإن كان في الحقيقة ركنا من الكلام [أو تخييل العدول إلى أقوى الدليلين من العقل واللفظ] فإنّ الاعتماد عند الذكر على دلالة اللفظ من حَيْثُ الظاهر، وعند الحذف على دلالة العقل، وهو أقوي لافتقار اللفظ إليه، وإنما قال ـ تخييل ـ لأن الدال حقيقة عند الحذف أيضاً هو اللفظ المدلول عليه بالقرائن [كقوله: قال لي كيف أنت قلت عليل(٢)] ولم يقل ـ أنَا عَلِيلٌ ـ للاحتراز والتخييل المذكورين [أو اختبار تنبه السامع عند القرينة] هل يتنبه

__________________

(١) حال من العبث، أي حال كون العبث مبينا على الظاهر من إغناء القرينة عنه.

(٢) هو من قول شاعر لم يعرف اسمه:

قال لي كيف أنْتَ قلتُ عَلِيلُ

سَهَرٌ دائمٌ وحزنٌ طويلُ

وفيه حذف المسند إليه أيضا في الشطر الثاني، والتقدير ـ حَالِي سَهَرٌ دَائِمٌ.

۵۲۰۱