وَمِنَ السَّجْعِ عَلَى هذَا الْقَوْلِ مَا يُسَمَّى التَّشْطِيرَ، وَهُوَ جَعْلُ كُلٍّ مِنْ شَطْرَيِ الْبَيْتِ سَجْعَةً مُخَالِفَةً لِأُخْتِهَا، كَقَوْلِهِ:
تَدْبِيرُ مُعْتَصِم، بِاللهِ مُنْتَقِم
للهِ مُرْتَغِب، في اللهِ مُرْتَقِبِ
وَمِنْهُ الْمُوَازَنَةُ، وَهِيَ تَسَاوِي الْفاصِلَتَيْنِ في الْوَزْنِ دُونَ التَّقْفِيَةِ، نَحْوُ ـ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ، وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ـ
[ومن السجع على هذا القول] أي القول بعدم اختصاصه بالنثر [ما يسمى التشطير، وهو جعل كل من شطري البيت سجعة مخالفة لأختها] أي للسجعة التي في الشطر الآخَرِ، وقولهُ ـ سجعة ـ في موضع المصدر أي مسجوعا سجعة، لأن الشطر نفسه ليس بسجعة، أو هو مَجَازٌ تَسْمِيَةً للكل باسم جزئه [كقوله: تدبير معتصم، بالله منتقم * لله مرتغب، في الله] أي راغب فيما يُقَرِّبُهُ من رضوانه [مرتقب(١)] أي منتظر ثوابه أو خائف عقابه، فالشطر الأول سجعة مبنية على الميم، والثانية سجعة مبنية على الباء.
[ومنه] أي ومن اللفظى:
[الموازنة
وهي تساوى الفاصلتين] أي الكلمتين الأخيرتين من الْفِقْرَتَيْنِ أو من الْمِصْرَاعَيْنِ [في الوزن دون التقفية، نحو ـ ونمارق مصفوفة، وزرابي مبثوثة] فإن مصفوفة ومبثوثة
__________________
(١) هو لأبي تمام في مدح المعتصم بالله من قصيدة له مطلعها:
السيف أصدقُ إنباءً من الكتبِ
في حَدِّهِ الْحَدُّ بين الْجِدِّ وَاللَّعِبِ
تطبيقات على السجع:
١ـ قوله تعالى ـ ﴿إنَّ إلَيْنَا إيَابَهُمْ ثم إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾:
٢ـ قُمْ يا غلامُ إلى الْمُدَامِ
قم دَاوِنِى منها بِجَامِ
٣ـ بكل منتصر، للفتح منتظر
وكُلِّ مغترم، بالحق ملتزمِ
الأول من السجع المرصع، والثاني من السجع المطرف، والثالث من السجع المشطر.