وَفُرِقَ بِأَنَّ الانْتِقَالَ فِيهَا مِنَ اللاَّزِمِ وَفِيهِ مِنَ الْمَلْزُومِ، وَرُدَّ بِأَنَّ اللاَّزِمِ مَا لَمْ يَكُنْ مَلْزُوماً لَمْ يُنْتَقَلْ مِنْهُ، وَحِينَئذ يَكُونُ الانْتِقَالُ مِنَ الْمَلْزُومِ.


المعني الحقيقى في الكناية هو أن الكناية من حيث إنها كناية لا تنافى ذلك كما أن المجاز ينافيه، لكِنْ قد يمتنع ذلك في الكناية بواسطة خصوص الْمَادَّةِ كما ذكره صاحب الْكَشَّافِ في قوله تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ أنه من باب الكناية كما في قولهم ـ مثلك لا يبخل ـ لأنهم إذا نفوه عمن يماثله وعمن يكون على أخَصِّ أو صافه فقد نفوه عنه كما يقولون ـ بلغت أتْرَابَهُ ـ يريدون بلوغه، فقولنا ـ ليس كالله شيء ـ وقولنا ـ ليس كمثله شيء ـ عبارتان مُتَعَاقِبَتَانِ على معنى واحد وهو نفي المماثلة عن ذاته، مع أنه لا فرق بينهما إلا ما تعطيه الكناية من المبالغة، ولا يخفى ههنا امتناع إرادة الحقيقة وهو نفي المماثلة عمن هو مماثل له وعلى أخص أوصافه(١) [وفرق] بين الكناية والمجاز [بأن الانتقال فيها] أي في الكناية [من اللازم] إلى الملزوم، كالانتقال من طول النجاد إلى طول القامة [وفيه] أي في المجازِ الانتقالُ [من الملزوم] إلى اللازم، كالانتقال من الغيث إلى النَّبْتِ ومن الأسد إلى الشجاعة [ورد ]هذا الفرق [بأن اللازم ما لم يكن ملزوما] بنفسه أو بانضمام قرينة إليه [لم ينتقل منه] إلى الملزوم، لأن اللازم من حيث إنه لازم يجوز أن يكون أعَمَّ، ولا دلالة للعامِّ على الخاصِّ [وحينئذ] أي وحين إذ كان اللازم ملزوما [يكون الانتقال من الملزوم] إلى اللازم كما في المجاز، فلا يتحقق الفرق، والسكاكى أيضا معترف بأن اللازم ما لم يكن ملزوما امتنع الانتقال منه، وما يقال إن مراده أن اللزوم من الطرفين من خَوَاصِّ الكناية دون المجاز أو شَرْطٌ لها دونه فَمِمَّا لا دليل عليه(٢) وقد يجاب بأن مراده باللازم ما يكون وجوده على

__________________

(١) لأنه لا مثل له تعالى، وإرادة الحقيقة في ذلك تقتضى إثباته له.

(٢) لأنه قد يكون اللازم في الكناية أعم كما يكون مساويا، فلا يشترط فيها التساوى من الطرفين.

۵۲۰۱