وإمَّا لِيَتَمكَّنَ الْخَبَرُ فِي ذِهْنِ السامِعِ، لِأَنَّ فِي المُبْتَدَإِ تَشْوِيقاً إلَيْهِ، كَقَوْلِهِ:

وَالَّذِي حَارَتِ الْبَرِيَّةُ فِيهِ

حَيَوَانٌ مُسْتَحْدَثٌ مِنْ جَمَادِ

وَإمَّا لِتَعْجِيلِ المَسَرَّةِ أوِ المسَاءَةِ لِلتَّفَاؤُلِ أوِ التَّطَيُّرِ، نَحْوُ ـ سَعْدٌ فِي دَارِكَ، والسَّفَّاحُ فِي دَارِ صَدِيقِكَ ـ وَإِمَّا لاِيهَامِ أنَّهُ لاَ يَزُولُ عَنِ الْخَاطِرِ، أوْ أنَّهُ يُسْتلذُّ به، وَإمَّا لِنَحْو ذَلِكَ.


أي عن ذلك الأصل، إذ لو كان أمر يقتضى العدول عنه فلا يقدم كما في الفاعل، فإن مرتبة العامل التقدم على المعمول [وإما ليتمكن الخبر في ذهن السامع لأن في المبتدإ تشويقا إليه] أي الخبر [كقوله:

والذي حارت البرية فيه

حيوان مستحدث من جماد(١)]

يعنى تحيرت الخلائق في المعاد الجسماني، والنشور الذي ليس بنفساني، بدليل ما قبله:

بَانَ أمرِ الاِله واختلف النَّا

سُ فَدَاعِ إلى ضلال وهادِ

يعنى بعضهم يقول بالمعاد، وبعضهم لا يقول به [وإما لتعجيل المسرة أو المساءة للتفاؤل] عِلَّةٌ لتعجيل المسرة [أو التطير] علة لتعجيل المساءة [نحو ـ سعد في دارك ]لتعجيل المسرة [والسفاح في دار صديقك] لتعجيل المساءة [وإما لايهام أنه] أي المسند إليه [لا يزول عن الخاطر] لكونه مطلوبا [أو أنه يستلذ به] لكونه محبوبا [وإما لنحو ذلك] كاظهار تعظيمه أو تحقيره أو ما أشبه ذلك(٢).

__________________

(١) هو لأبي العلاء أحمد بن عبدالله المعرى من شعراء الدولة العباسية.

(٢) ومن التقديم للاستلذاذ بالمسند إليه قول جميل:

بُثَيْنَةُ ما فيها إذا ما تُبُصِّرَتْ

مَعَابٌ وَلا فيها إذا نسبت أشبُ

ومن التقديم لتعظيمه قوله تعالى ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحُمَاءُ بَيْنَهُمْومن التقديم لتحقيره قول الشاعر:

أبوك حُبَابٌ سارقُ الضَّيْفِ بُرْدَهُ

وَجَدِّيَ يا حجَّاج فارسُ شَمَّرَا

۵۲۰۱