نَحْوُ ـ إنَّ الذِينَ يَسْتكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ.

ثُمَّ إنَّهُ رُبَّما جُعِلَ ذَرِيعَةً إلَى التَعْرِيضِ بالتَّعْظِيمِ لِشأنِهِ، نَحْوُ:

إنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّماءَ بَنَى لَنَا

بَيْتاً دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطْوَلُ

أَوْ شَأَن غَيْرِهِ، نَحْوُ ـ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الخاسرينَ،


جهته، أي على طِرْزِهِ وطريقته، يعنى ـ تَأْتِى بالموصول والصلة للاشارة إلى أن بناء الخبر عليه من أيِّ وجه وأيِّ طريق من الثواب والعقاب، والمدح والذم، وغير ذلك [نحو ـ إن الذين يستكبرون عن عبادتى] فإن فيه إيماءً إلى أنَّ الخبر الْمَبْنِيَّ عليه أمر من جنس العقاب والاذلال، وهو قوله تعالى [سيدخلون جهنم داخرين] ومن الخطأ في هذا المقام تفسير الوجه في قوله ـ إلى وجه بناء الخبر ـ بالعلة والسبب، وقد استوفينا ذلك في الشرح.

[ثم إنه] أي الايماء إلى وجه بناء الخبر، لا مُجَرَّدُ جَعْلِ المسند إليه موصولا كما سبق إلى بعض الأوهام [ربما جعل ذريعة] أي وسيلة [إلى التعريض بالتعظيم لشأنه] أي لشأن الخبر [نحو ـ إن الذي سمك] أي رفع [السماء بنى لنا بيتا] أراد به الكعبة، أو بيت الشرف والمجد [دعائمه أعز وأطول(١)] من دعائم كل بيت، ففي قوله ـ إن الذي سمك السماء ـ إيماء إلى أن الخبر المبنى عليه أمر من جنس الرفعة والبناء عند من له ذوق سليم، ثم فيه تعريض بتعظيم بناء بيته، لكونه فعل من رفع السماء التي لا بناء أعظم منها وأرفع [أو] ذريعة إلى تعظيم [شأن غيره] أي غير الخبر [نحو ـ الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين] ففيه إيماء إلى أن الخبر الْمَبْنِيَّ عليه مما ينبئ عن الخيبة والخسران، وتعظيم لشأن شعيب عليه‌السلام، وربما يجعل ذريعة إلى الاهانة لشأن الخبر،

__________________

(١) هو للفرزدق من قصيدة له يفتخر فيها على جرير ببيته في تميم، ولهذا. يكون حمل البيت على بيت الشرف والمجد أولي من حمله على الكعبة.

۵۲۰۱