أَوْ تَعْظِيم، أَوْ إهَانَة، أَوْ كنَايَة، أَوْ إيهَامِ اسْتِلْذَاذِهِ،


وزعم بعضهم أنه اسم لمفهوم الواجب لذاته، أو الْمُسْتَحِقِّ لِلْعُبُودِيَّةِ له، وكل منهما كُلِّيٌ انحصر في فرد فلا يكون عَلَماً، لأن مفهوم العلم جُزْئِيٌّ، وفيه نظر لأنا لا نسلم أنه اسم لهذا المفهوم الكلي، كيف وقد أجمعوا على أن قولنا ـ لا إله إلا الله ـ كلمة توحيد، ولو كان الله إسما لمفهوم كلى لما أفادت التوحيد، لأن الكلي من حيث إنه كلي يحتمل الكثرة [أو تعظيم أو إهانة] كما في الألقاب الصالحة لذلك، مثل ـ رَكِبَ عَلِيٌّ، وَهَرَبَ مُعَاوِيةُ [أو كناية] عن معنى يصلح العلم له، نحو ـ أبُو لَهَب فَعَلَ كَذَا ـ كناية عن كونه جَهَنَّمِيّاً بالنظر إلى الوضع الأول، أعنى الاضافي، لأن معناه مُلاَزِمُ النار ومُلاَبِسُهَا، ويلزمه أنه جهنمى، فيكون انتقالا من الملزوم إلى اللازم باعتبار الوضع الأول، وهذا القدر كاف في الكناية، وقيل في هذا المقام: إن الكناية كما يقال ـ جَاءَ حَاتِمٌ ـ ويراد به لازمه(١) أي جَوَادٌ، لا الشخص المسمى بحاتم، ويقال ـ رَأيْتُ أَبا لَهَب، أي جهنميا، وفيه نظر لأنه حينئذ يكون استعارة لا كناية على ما سيجيء، ولو كان المراد ما ذكره لكان قولنا ـ فَعَلَ هَذَا الرَّجُلُ كَذَا ـ مشيرا إلى كافر، وقولنا ـ أبُو جَهْل فَعَلَ كَذَا ـ كنايةً عن الجهنمي، ولم يقل به أحد، ومما يدل على فساد ذلك أنه مَثَّلَ صَاحِبُ المفتاح وغيره في هذه الكناية بقوله تعالى ـ ﴿تَبَّتْ يَدَا أبِى لَهَب ـ ولا شك أن المراد به الشخص المسمى بأبي لهب لا كافر آخر [أو إيهام استلذاذه] أي وِجْدانِ الْعَلَم لذيذا، نحو قوله:

بِاللهِ يا ظَبَيَاتِ القاعِ قُلْنَ لنا

لَيْلاَيَ منكُنَّ أَم لَيْلَى من البشَرِ(٢)

__________________

(١) بأن يستعمل اللفظ ابتداء في ذلك اللازم، ولهذا جاء الاعتراض عليه بأنه يكون استعارة لا كناية.

(٢) هو لعبدالله بن عمرو بن عثمان بن عفان المعروف بالعرجى من شعراء الدولة الأموية، والقاع هو الأرض

۵۲۰۱