وَأَنْكَرَهُ السَّكَّاكِيُّ ذَاهِباً إلَى أَنّ مَا مَرَّ وَنَحْوَهُ اسْتِعارَةٌ بالْكِنايَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ المُرادَ بالرَّبِيعِ الْفاعِلُ الحَقِيقِيُّ بِقَرينَةِ نِسْبَةِ الانْباتِ إلَيْهِ، وَعَلَى هذا الْقِياسِ غَيْرُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنهُ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ الْمُرادُ بِعيْشِهِ في قَوْلهِ تَعَالَى ﴿فِي عِيشَة رَاضِيَة صَاحِبهَا لِمَا سَيَّأْتِي،


المصنف، وفي ظني أن هذا تكلف، والحق ما ذكره الشيخ(١).

[وأنكره] أي المجاز العقلى [السكاكي] وقال: الذي عندى نَظْمُهُ في سلك الاستعارة بالكناية، بِجَعْلِ الربيع استعارة بالكناية عن الفاعل الحقيقى بواسطة المبالغة في التشبيه، وجَعْلِ نسبة الأنبات إليه قرينة للاستعارة، وهذا معنى قوله [ذاهبا إلى أن ما مر] من الأمثلة [ونحوه استعارة بالكناية] وهي عند السكاكى أن تذكر المشبه وتريد المشبه به بواسطة قرينة، وهي أن تنسب إليه شيئا من اللوازم المساوية للمشبه به، مثل أن تشبه المنية بالسبع ثم تفردها بالذكر وتضيف إليها شيئاً من لوازم السبع، فتقول ـ مَخَالِبُ الْمَنِيَّةِ نَشَبَتْ بِفُلاَن ـ [بناء على أن المراد بالربيع الفاعل الحقيقى] للانبات، يعنى القادر المختار [بقرينة نسبة الانبات] الذي هو من اللوازم المساوية للفاعل الحقيقى [إليه] أي إلى الربيع [وعلى هذا القياس غيره] أي غير هذا المثال، وحاصله أن يُشَبَّهَ الفاعل المجازي بالفاعل الحقيقي في تَعَلُّقِ وجود الفعل به، ثم يفرد الفاعل المجازي بالذكر وينسب إليه شيء من لوازم الفاعل الحقيقي [وفيه] أي فيما ذهب إليه السكاكى [نظر لأنه يستلزم أن يكون المراد بعيشة في قوله تعالى في عيشة راضية صاحبها لما سيأتي] في الكتاب من تفسير الاستعارة بالكناية على مذهب السكاكى وقد ذكرناه، وهو يقتضى أن يكون المراد بالفاعل المجازي هو

__________________

(١) لأن هذه الأفعال لكونها اموراً اعتبارية ألغى عرفا استعمالها لما هي له، فمراد الشيخ أنها لم يستعمل لها فاعل في العرف، لا أنها لا موصوف لها في نفس الأمر يكون إسنادها إليه حقيقة.

۵۲۰۱