وَلاَبُدَّ لَهُ مِنْ قَرِينَةَ لَفْظِيَّة كما مَرَّ، أَوْ مَعْنَويَّة، كاسْتِحالَةِ قِيامِ الْمُسْنَدِ بالمَذْكُورِ عَقْلاً، كَقَوْلِكَ ـ مَحَبَّتُكَ جاءَتْ بِي إلَيْكَ ـ أَوْ عَادَةً نَحْوُ ـ هَزَمَ الأَمِيرُ الجُنْدَ ـ وَصُدُورِهِ عَنِ المُوَحّد في مِثْلِ ـ أَشابَ الصَّغِيرَ ـ

وُمَعْرِفَةُ حَقِيقَتِهِ إمَّا ظَاهِرَةٌ، كما فِي قَوْلِهِ تَعَالى ﴿فَمَا رَبِحَتْ تِجارتُهُمْ أَيْ فَما رَبِحُوا


الفعل أو الترك عنه، وكذا قولك ـ لَيْتَ النَّهَرَ جَار ـ وقوله تعالى ﴿أصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ.

[ولابد له] أي للمجاز العقلي [من قرينة] صارفة عن إرادة ظاهره، لأن المتبادر إلى الفهم عند انتفاء القرينة هو الحقيقة [لفظية كما مر] في قول أبي النجم من قوله ـ أفْنَاهُ قِيلُ اللهِ ـ [أو معنوية كاستحالة قيام المسند بالمذكور] أي بالمسند إليه المذكور مع المسند [عقلا] أي من جهة العقل، يعنى أن يكون بحيث لا يَدَّعِى أحد من المحِقّينَ وَالْمُبْطِلِينَ أنه يجوز قيامه به، لأن العقل إذا خُلِّيَ ونفسه يعده محالا [كقولك محبتك جاءت بي إليك] لظهور استحالة قيام المجيء بالمحبة [أو عادة] أي من جهة العادة [وهزم الأمير الجند] لاستحالة قيام هزم الجند بالأمير وحده عادة، وإن كان ممكنا عقلا، وإنما قال ـ قيامه به ـ ليعم الصدور عنه مثل ـ ضَرَبَ وهَزَمَ ـ وغيره مثل ـ قَرُبَ وَبَعُدَ ـ [وصدوره] عَطْفٌ على ـ استحالة ـ أي وكصدور الكلام [عن الموحد في مثل أشاب الصغير] وأفنى الكبير ـ البيت ـ فإنه يكون قرينة معنوية على أن إسناد ـ أشَابَ وأفْنَى ـ إلى كَرِّ الغداء وَمَرِّ العشى مجاز، لا يقال هذا داخل في الاستحالة، لأنا نقول لا نسلم ذلك، كيف وقد ذهب إليه كثير من ذوى العقول، واحتجنا في إبطاله إلى الدليل.

[ومعرفة حقيقته] يعنى أن الفعل في المجاز العقلي يجب أن يكون له فاعل أو مفعول به إذا أسند إليه يكون الاسناد حقيقة، فمعرفة فاعله أو مفعوله الذي إذا أسند إليه يكون الاسناد حقيقة [إما ظاهرة كما في قوله تعالى ـ فما ربحت تجارتهم ـ أي فما ربحوا

۵۲۰۱