وَنَهْرٌ جَار ـ وَبَنَى الأَمِيرُ المَدِينَةَ ـ وَقَولُنا بِتَأَوُّل يُخْرِجُ نَحْوَ ما مَرَّ مِنْ قَوْلِ الجَاهِلِ، وَلِهذَا لَمْ يُحْمَلْ نَحْوُ قَوْله:

أَشابَ الصّغِيرَ وَأَفْنَى الْكَبِيـ

ـرَ كَرُّ الْغِدَاةِ وَمَرُّ العَشِيّ


الزمان [ونهر جار] في المكان، لأن الشخص صائم في النهار، والماء جار في النهر [وبنى الأمير المدينة ]في السبب، وينبغي أن يعلم أن المجاز العقلي يجرى في النسبة الغير الاسنادية أيضا من الاضافية والايقاعية(١) نحو ـ أعْجَبَنى إنْبَاتُ الرَّبِيعِ الْبَقْلَ وَجَرْىُ الأنْهَارِ ـ قال الله تعالى ﴿فَإنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا و﴿مَكْرُ اللَّيْل وَالنَّهَارِونحو ـ نَوَّمْتُ اللَّيْلَ، وَأجْرَيْتُ النَّهَرَ، قال الله تعالى ﴿وَلاَ تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفينَوالتعريف المذكور إنما هو للاسنادى، اللهم إلا أن يراد بالاسناد مطلق النسبة، وههنا مباحث نفيسة وشحنا بها الشرح [وقولنا ]في التعريف [بتأول يخرج نحو ما مر من قول الجاهل ] ـ أنبت الربيع البقل ـ رائيا الأنبات من الربيع، فإن هذا الاسناد وإن كان إلى غير ما هو له في الواقع، لَكِنْ لاَتَأَوُّلَ فيه، لأنه مراده ومعتقده، وكذا ـ شفى الطبيب المريض ونحو ذلك ـ فقوله ـ بتأول ـ يخرج ذلك كما يخرج الأقوال الكاذبة، وهذا تعريض بالسكاكى حيث جعل التأول لإخراج الأقوال الكاذبة فقط، وللتنبيه على هذا تَعَرَّضَ المصنف في المتن لبيان فائدة هذا القيد، مع أنه ليس ذلك من دأبه في هذا الكتاب، وَاقْتَصَرَ على بيان إخراجه لنحو قول الجاهل مع أنه يخرج الأقوال الكاذبة أيضا [ولهذا] أي ولأن مثل قول الجاهل خارج عن المجاز لاشتراط التأول فيه [لم يحمل نحو قوله:

أشابَ الصغير وأفنى الكبيـ

ـر كَرُّ الغداةِ وَمَرُّ الْعَشِيِّ(٢)]

__________________

(١) النسبة الايقاعية هي نسبة الفعل إلى المفعول به.

(٢) هو للصلتان العبدي من شعراء الدولة الأموية، واسمه قثم بن حبيبة بن عبدالقيس وقيل لغيره، وبعد

۵۲۰۱