وَهُوَ ثَلاَثَةُ أقْسَامِ كَذلِكَ: أَوَّلُهَا كَقَوْلِ أَبِي تَمَّام:

هُوَالصُّنْعُ إِنْ يَعْجَلْ فَخَيْرٌوَإِنْ يَرِثْ

فَللرَّيْثُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أنْفَعُ

وَقَوْلِ أَبِي الطَّيِّبِ:

وَمِنَ الْخَيْرِ بُطْءُ سَيْبِكَ عَنِّى

أسْرَعُ السُّحْبِ في الْمَسِيرِ الْجَهَامُ

وَثَانِيهَا


آخر، فإن اللفظ للمعنى بمنزلة اللباس [وهو ثلاثة أقسام كذلك] أي مثل ما يسمي إغارة ومسخا، لأن الثاني إما أبلغ من الأول، أو دونه، أو مثله [أولها] أي أول الأقسام وهو أن يكون الثاني أبلغ من الأول [كقول أبي تمام: هو] الضمير للشان [الصنع] أي الاحسان، والصنع مبتدأ خبره الجملة الشرطية أعنى قوله [إن يعجل فخير وإن يرث *] أي يبطؤ [فللريث في بعض المواضع أنفع] والأحسن أن يكون ـ هو ـ عائدا إلى حاضر في الذهن، وهو مبتدأ خبره الصنع، والشرطية ابتداء كلام، وهذا(١) كقول أبي العلاء:

هو الْهَجْرُ حتى ما يَلُمُّ خيالُ

وبعض صُدُودِ الزائرين وصالُ(٢)

وهذا نوع من الاعراب لطيف لا يكاد يتنبه له إلا الأذهان الرَّاضَةُ(٣) من أئمة الاعراب [وقول أبي الطيب: ومن الخير بطء سيبك] أي تأخر عطائك [عنى * أسرع السحب في المسير الجهام] أي السحاب الذي لا ماء فيه، وأما ما فيه ماء فيكون بطيئا ثقيل المشي، فكذا حال العطاء، ففي بيت أبي الطيب زيادة بيان لاشتماله على ضِرْب الْمثَلِ بالسحاب [وثانيها] أي ثاني الأقسام وهو أن يكون الثاني دون

__________________

(١) الاشارة إلى الاعراب الثاني، فإن الضمير في قول أبي العلاء عائد إلى متعقل في الذهن يفسره ما أخبر به عنه، ولا يصح أن يكون للشأن لأن خبره مفرد.

(٢) يلم بمعنى ينزل، والمعنى حتى ما ينزل خيال من الهاجر، وإنما كان بعض صدود الزائرين وصالا لأن فيه لقاء على كل حال.

(٣) جمع رائض أي المرتاضون الممارسون له.

۵۲۰۱