كَقَوْلِ الْبُحْتُرِيِّ:
وَإذَا تَأَلَّقَ في النَّدِيِّ كَلاَمُهُ الْ ـ
ـمَصْقُولُ خِلْتَ لِسَانَهُ مِنْ عَضْبِهِ
وَقَوْلِ أبي الطَّيِّبِ:
كَأنَّ ألْسُنَهُمْ فِي النُّطْقِ قَدْ جُعِلَتْ
عَلَى رِماحِهِمُ فِي الطَّعْنِ خِرْصَانَا
وَثَالِثُهَا كَقَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ:
وَلَمْ يَكُ أكْثَرَ الْفِتْيَانِ مَالاً
وَلكِنْ كَانَ أرْحَبَهُمْ ذِرَاعَا
وَقَوْلِ
الأول [كقول البحترى: وإذا تألق] أي لمع [في الندى] أي في المجلس [كلامه ال ـ * ـ مصقول] الْمُنَقَّحُ [خلت] أي حسبت [لسانه من عضبه] أي سيفه القاطع [وقول أبي الطيب:
كأن ألسنهم في النطق قد جعلت
على رماحهم في الطعن خرصانا]
جمع خرص بالضم والكسر وهو السنان(١) يعنى أن ألسنتهم عند النطق في الْمَضَاءِ والنفاذ تشابه أسنتهم عند الطعن، فكأن ألسنهم جعلت أسنة رماحهم، فبيت البحتري أبلغ لِمَا في لفظي ـ تألق والمصقول ـ من الاستعارة التخييلية، فإن التَّأَلُّقَ والصِّقَالة(٢)للكلام بمنزلة الأظفار للمنية، ولزم من ذلك تشبيه كلامه بالسيف وهو استعارة بالكناية [وثالثها] أي ثالث الأقسام وهو أن يكون الثاني مثل الأول [كقول الأعرابي] أبي زياد:
[ولم يك أكثر الفتيان مالا
ولكن كان أرحبهم ذراعا]
أي أسخاهم، يقال ـ فلان رَحْبُ الباع والذراع وَرَحِيبُهما أي سَخِيٌّ [وقول
__________________
(١) لأن خرصان الرماح أسنتها كما أن خرصان الشجر أغصانها.
(٢) ألحق أن التألق وحده هو التخييل، وأما الصقالة فترشيح، لأن التخييل لا يكون إلا واحدا.