فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَصَرَ مِنَ التّرْكِيبِ عَلَى قَدْرِ الحاجَةِ، فإنْ كَانَ خالِيَ الذِّهْنِ مِنَ الحُكْمَ وَالتّرَدُّدِ فِيهِ اسْتُغْنِيَ عن مُؤَكَّدَاتِ الْحُكْمِ، وَإنْ كَانَ مُترَدِّداً فِيهِ طَالِباً لَهُ حَسُنَ تَقْوِيَتُهُ بمُؤَكِّد، وَإنْ كَانَ مُنْكِراً وَجَبَ تَوْكِيدُهُ بِحَسَبِ الانْكارِ،


الكلام(١) منه قوله تعالي ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لِمَنِ اشْتَرَاهُ مَالَهُ فِي الاْخِرَةِ مِنْ خَلاق وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ بل تنزيل وجود الشيء منزلة عدمِهِ كثير، منه قوله تعالي ﴿وَمَا رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمَى [فينبغي] أي إذا كان قصد المخبر بخبره إفادة المخاطب ينبغي [أن يقتصر من التركيب على قدر الحاجة] حذرا عن اللغو [فإن كان ]المخاطب [خالي الذهن من الحكم والتردد فيه] أي لا يكون عالما بوقوع النسبة أوْ لاَوُقُوعِهَا وَلا مُترَدِّداً في أن النسبة هل هي واقعة أم لا، وبهذا تبين فساد ما قيل ـ إن الخلو عن الحكم يستلزم الخلو عن التردد فيه، فلا حاجة إلى ذكره، بل التحقيق إن الحكم والتردد فيه متنافيان [استغنى] على لفظ المبنى للمفعول [عن مؤكدات الحكم ]لتمكن الحكم في الذهن حيث وجده خاليا [وإن كان ]المخاطب [مترددا فيه] أي في الحكم [طالبا له] بأن حضر في ذهنه طرفا الحكم، وتحير في أن الحكم بينهما وقوع النسبة أَوْ لاَ وُقُوعُهَا [حسن تقويته] أي تقوية الحكم [بمؤكد] ليزيل ذلك المؤكد تردده، ويتمكن فيه الحكم، لَكن المذكورُ في دلائل الاعجاز أنه إنما يحسن التأكيد إذا كان للمخاطب ظَنٌّ في خلاف حكمك [وإن كان ]أي المخاطب [منكرا ]للحكم [وجب توكيده] أي توكيد الحكم [بحسب الانكار ]أي بقدره قوة وضعفا، يعني

__________________

(١) أي وإن لم يكن مما معنا من تنزيل العالم بفائدة الخبر ولازمها منزلة الجاهل بهما، كما في هذه الآية، لأنها ليست منه، وإنما هي من تنزيل العالم بالشيء منزلة الجاهل به مطلقا.

۵۲۰۱