وَكَثِيراً ما يُخَرَّجُ الْكَلاَمُ عَلَى خلاَفِهِ، فَيُجْعَلُ غَيْرُ السَّائِل كالسَّائِل إذَا قُدّمَ إلَيْهِ ما يُلَوِّحُ لَهُ بِالخَبَرِ، فَيَسْتَشْرِفُ لَهُ اسْتِشْرَافَ المُتَرَدِّد الطَّالِبِ، نَحْوُ (وَلاَ تُخَاطِبْنى فِي الّذينَ ظَلَمُوا إنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) وَغَيْرُ المُنْكِرِ إذَا لاَحَ عَلَيْهِ


كما في صورة إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر، فإنه يكون على مقتضى الحال، ولا يكون على مقتضى الظاهر.

[وكثيراً ما يخرج] الكلام [على خلافه] أي على خلاف مقتضى الظاهر [فيجعل غير السائل كالسائل إذا قدم إليه] أي إلى غير السائل [ما يلوح] أي يشير [له] أي لغير السائل [بالخبر فيستشرف] غَيْرُ السائل [له] أي للخبر يعني ينظر إليه، يقال ـ استشرف فلان الشيء ـ إذا رفع رأسه لينظر إليه، وبسط كفه فوق الحاجب كالمستظل من الشمس [استشراف الطالب المتردد نحو، ولا تخاطبنى في الذين ظلموا] أي ولا تدعنى يا نوح في شأن قومك واستدفاع العذاب عنهم بشفاعتك، فهذا كلام يُلَوِّحُ بالخبر تلويحاً ما، ويشعر بأنه قد حق عليهم العذاب، فصار المقام مقام أن يتردد المخاطب في أنهم هل صاروا محكوما عليهم بالاغراق أم لا، فقيل [إنهم مغرقون ]مُؤَكَّداً، أي محكوم عليهم بالاغراق.

[و] يجعل [غير المنكر كالمنكر إذا لاح] أي ظهر [عليه] أي على غير المنكر

__________________

أمثلة أخرى:

١ـ ﴿إنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والاْحْسَانِ وإيتَاءِ ذِى الْقُرْبَى وَيَنْهَى عن الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكِرَ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون:

٢ـ ظَمِئْتُ وفي فَمى الأَدبُ المُصَفَّي

وَضِعْتُ وفي يَدِى الْكَنْزُ الَّثمِينْ

٣ـ أَمَا دون مِصْر لِلْغِنَى مُتَطَلَّبٌ

بَلَى إنَّ أَسبابَ الْغِنَى لَكَثِيرُ

۵۲۰۱