وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَمَذْمُومٌ كَقَوْلِ أَبِي تَمَّام:

هَيْهَاتَ لاَ يَأْتِى الزِّمَانُ بِمِثْلِهِ

إِنَّ الزَّمَانَ بِمِثْلِهِ لَبَخِيلُ

وَقَوْل أبِي الطَّيِّبِ:

أعْدَى الزَّمَانَ سَخَاؤُهُ فَسَخَا بِهِ

وَلَقَدْ يَكُونُ بِهِ الزَّمَانُ بَخِيلاً


سبكا(١) وأخصر لفظا [وإن كان] الثاني [دونه] أي دون الأول في البلاغة لفوات فضيلة توجد في الأول [فهو] أي الثاني [مذموم كقول أبي تمام] في مَرْثِيَّةِ محمد بن حُمَيْد:

[هيهات لا يأتى الزمان بمثله

إن الزمان بمثله لبخيل

وقول أبي الطيب: أعدي الزمان سخاؤه] يعني تَعَلَّمَ الزمانُ منه السخاءَ وَسَرَى سخاؤه إلى الزمان [فسخا به *] وأخرجه من العدم إلى الوجود، ولولا سخاؤه الذي استفاده منه لبخل به على الدنيا واستبقاه لنفسه، كذا ذكر ابن جِنِّي، وقال ابن فَوْرَجَةَ: هذا تأويل فاسد لأن سخاءً غَيْرِ مَوْجُود لا يوصف بالْعَدْوَي، وإنما المراد سخا به عَلَيَّ وكان بخيلا به عَلَيَّ، فلما أعداه سخاؤه أسعدنى بِضَمِّى إليه وهدايتى له لَمَّا أعْدَى سخاؤه [ولقد يكون به الزمان بخيلا] فَالْمِصْرَاعُ الثاني مأخوذ من المصراع الثاني لأبي تمام على كُلِّ من تَفْسِيرَيِ ابن جنى وابن فورجة، إذ لا يشترط في هذا النوع من الأخذ عدم تغاير المعنيين أصلا كما توهمه البعض، وإلا لم يكن مأخوذا منه على تأويل ابن جنى أيضا، لأن أبا تمام علق البخل بمثل الْمَرْثِيِّ وأبا الطيب بنفس الممدوح(٢) هذا ولكن مصراع أبي تمام أجود سبكا، لأن قول أبي الطيب ـ ولقد يكون ـ بلفظ المضارع لم يقع موقعه، إذ المعنى علي الْمُضِيِّ، فإن قيل المراد لقد يكون

__________________

(١) لخفة ألفاظه وعذوبتها.

(٢) أي لا بمثله، فهما متغايران في ذلك وإن كان بخل الزمان بمثله كناية عن بخله به.

۵۲۰۱