وَأَصْلُ الْحُسْنِ فِي ذلِكَ كُلِّهِ أنْ تَكُونَ الاْلْفَاظُ تَابِعَةً لِلْمَعَانِي دُونَ الْعَكْسِ.


جىء قبله بلام مشددة مفتوحة، وهو ليس بلازم في السجع لصحة السجع بدونها نحو ـ جلَّت ومدَّت ومنَّت وانشقَّت ونحو ذلك.

[وأصل الحسن في ذلك كله] أي في جميع ما ذكر من المحسنات اللفظية(١) [أن تكون الألفاظ تابعة للمعاني دون العكس] أي لا أن تكون المعاني توابع للألفاظ، بأن يؤتى بالألفاظ متكلفة مصنوعة فيتبعها المعنى كَيْفَما كانت، كما فعله بعض المتأخرين الذين لهم شَغَفٌ بإيراد المحسنات اللفظية، فيجعلون الكلام كأنه غير مَسُوق لافادة المعنى، ولا يبالون بخفاء الدلالات وركاكة المعنى، فيصير كَغِمْد من ذهب على سيف من خشب، بل الوجه أن تترك المعاني على سجيتها، فتطلب لأنفسها ألفاظا تليق بها، وعند هذا تظهر البلاغة والبراعة، ويتميز الكامل من القاصر، وحين رُتِّبَ الْحَرِيريُّ مع كمال فضله في ديوان الانشاء عجز فقال ابن الخشاب: هو رجل مَقَامَاتِيٌّ، وذلك لأن كتابه(٢)حكاية تجرى على حسب إرادته، ومعانيه تتبع ما اختاره من الألفاظ المصنوعة، فأين هذا من كتاب من أمر به في قضية، وما أحسن ما قيل في الترجيح بين الصاحب(٣)

__________________

(١) الحق أن المراد به المحسنات مطلقا، لأنه لا فرق بينها في ذلك كما سبق في تعريف علم البديع.

(٢) يعنى به مقاماته المشهورة.

(٣) الصاحب هو إسماعيل بن عَبَّاد وزير آل بُويَهِ، والصَّابِيُّ هو إبراهيم بن هلال صاحب ديوان الرسائل زمن عز الدولة بن بويه، وكلاهما من كتاب الدولة العباسية.

تطبيقات عامة على المحسنات اللفظية:

١ـ اللّهُمَّ أعط منفقا خلفا، وأعط ممسكا تلفا:

٢ـ عارٌ على ابن النِّيلِ سَبَّاقِ الْوَرَى

مَهْمَا تقلَّب دهرُهُ أن يُسْبَقَا

۵۲۰۱