نَجَّى إنْسَانَهُ مِنَ الْغَرَقِ في الدُّمُوعِ، أَوْ غَيْرُ مُمْكِنة كَقَوْلِهِ:

لَوْلَمْ تَكُنْ نِيَّةُ الجَوْزَاءِ خِدْمَتَهُ

لَمَا رَأَيْتَ عَلَيْهَا عِقْدَ مُنتَطِقِ


الدموع] أي حيث ترك البكاء خوفا منه [أو غير ممكنة كقوله:

لولم تكن نية الجوزاء خدمته

لما رأيت عليها عقد منتطق(١)]

من ـ انْتَطَقَ أي شَدَّ النِّطاق ـ وحول الجوزاء كواكب يقال لها نطاق الجوزاء، فنية الجوزاء خدمة الممدوح صفة غير ممكنة قصد إثباتها، كذا في الإيضاح، وفيه بحث لأن مفهوم هذا الكلام هو أن نية الجوزاء خدمة الممدوح علة لرؤية عَقْدِ النطاق عليها، أعنى لرؤية حالة شبيهة بانتطاق الْمِنْطَقَةِ، كما يقال ـ لولم تجئنى لم أكرمك ـ يعنى أن علة الاكرام هي المجىء، وهذه صفة ثابتة قصد تعليلها بنية خدمة الممدوح، فيكون من الضرب الأول وهو الصفة الثابتة التي قصد بيان علتها، وما قيل إنه أراد أن الانتطاق صفة ممتنعة الثبوت للجوزاء وقد أثبتها الشاعر وعَلَّلَهَا بنية الجوزاء خدمة الممدوح فهو مع أنه مخالف لصريح كلام المصنف في الايضاح ليس بشيء، لأن حديث انتطاق الجوزاء أعنى الحالة الشبيهة بذلك ثابت بل محسوس، والأقرب(٢) أن يجعل ـ لو ـ ههنا مثلها في قوله تعالى ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا أعنى الاستدلال بانتفاء الثاني على انتفاء الأول، فيكون الانتطاق عِلَّةَ كَوْنِ نِيَّةِ الجوزاء خِدْمَةَ الممدوح أي دليلا عليه وعلة للعلم مع أنه وصف غير ممكن.

__________________

(١) هو للخطيب القزوينى، وأصله لشاعر فارسى فترجمه إلى العربية، ولهذا قال ـ كقوله ـ ولم يقل كقولى.

(٢) أي في تخريج البيت، فتكون لو على هذا للاستدلال بانتفاء الجزاء على انتفاء الشرط لا حرف امتناع لامتناع، ويمكن حمل كلام المصنف في الايضاح على هذا التخريج، ويكون البيت محتملا لأن يكون من الضرب الأول أو الضرب الرابع.

۵۲۰۱