أَوْ يَظْهَرَ لَهَا عِلَّةٌ غَيرُ الْمَذْكُورَةِ كَقَوْلِهِ:

ما بِهِ قَتْلُ أعَادِيهِ ولكِنْ

يَتَّقِى إخْلاَفَ ما تَرْجُو الذِّئَابُ

فَإنَّ قَتْلَ الْأَعْدَاءِ في الْعَادَةِ لِدَفْعِ مَضَرَّتِهِمْ لا لِمَا ذَكَرَهُ،

وَالثَّانِيَةُ إمَّا مُمْكِنَةٌ كَقَوْلِهِ:

يَا وَاشِياً حَسُنَتْ فِينَا إسَاءَتُهُ

نَجَّى حِذَارُكَ إنْسَانِي مِنَ الْغَرْقِ

فَإنَّ اسْتِحْسَانَ إسَاءَةِ الْوَاشِي مُمْكِنٌ لكِنْ لَمَّا خالَفَ النَّاسَ فِيهِ عَقَّبَهُ بِأنَّ حِذَارَهُ مِنْهُ


الممدوح [أو يظهر لها] أي لتلك الصفة [علة غير ]العلة [المذكورة] لتكون المذكورة غير حقيقية، فتكون من حسن التعليل [كقوله:

ما به قتل أعاديه ولكن

يتقى إخلاف ما ترجو الذئاب(١)

فإن قتل الأعداء في العادة لدفع مضرتهم] وصُفُوِّ المملكة عن منازعتهم [لا لما ذكره] من أن طبيعة الكرم قد غلبت عليه، ومحبة صِدْقِ رِجاءِ الراجين بعثته على قتل أعدائه، لِمَا عُلِمَ من أنه إذا توجه إلى الحرب صارت الذئاب ترجو اتساع الرزق عليها بلحوم من يقتل من الأعادى، وهذا مع أنه وَصْفٌ بكمال الجود وَصْفٌ بكمال الشجاعة حتى ظهر ذلك للحيوانات الْعُجْمِ [والثانية] أي الصفة الغير الثابتة التي أريد إثباتها [إما ممكنة كقوله: يا واشيا حسنت فينا إساءته * نجى حذارك] أي حذارى إيَّاكَ [إنساني] أي إنسان عينى [من الغرق(٢) فإن استحسان إساءة الواشى ممكن، لكن لما خالف] أي الشاعر [الناس فيه] إذ لا يستحسنه الناس [عقبه] أي عقب الشاعر استحسان إساءة الواشى [بأن حذاره منه] أي من الواشى [نجي إنسانه من الغرق في

__________________

(١) هو للمتنبى أيضا، ومعنى قوله ـ ما به قتل أعاديه ـ أنه ليس به غيظ منهم أو خوف يوجب أن يقتلهم، لأنه ليس ممن يستفزه الغيظ أو يخاف العدو.

(٢) البيت لمسلم بن الوليد من شعراء الدولة العباسية.

۵۲۰۱