وَقَدِ اجْتَمَعا في قَوْلِهِ:

يُخَيَّلُ لِي أنْ سُمِّرَالشُّهْبُ في الدُّجَى

وَشُدَّتْ بِأَهدَابِي إلَيْهِنَّ أجْفانِى

وَمِنْها ما أُخْرِجَ مُخْرَجَ الهَزْلِ وَالخَلاَعَةِ كَقَوْلِهِ:

أَسكَرُ بالْأَمْسِ إنْ عَزَمْتُ عَلَى الشُّرْ

بِ غَداً إنَّ ذَا مِنَ الْعَجَبِ


الصواب، فرمزت إليه بِغَضِّ الجفن وضَمِّ العين، فتفطن للمقصود واستظرف الحاضرون ذلك [لو تبتغى] أي تلك الجياد [عنقا] هو نوع من السير [عليه] أي على ذلك العثير [لأمكنا(١)] أي العنق، ادعى تَرَاكُمَ الغبار المرتفع من سنابك الخيل فوق رؤوسها بحيث صار أرضا يمكن سيرها عليه، وهذا ممتنع عقلا وعادة لكنه تخييل حسن [وقد اجتمعا] أي إدخال ما يقربه إلى الصحة وتَضَمُّنُ التخييل الحسن [في قوله:

يخيل لي أن سمر الشهب في الدجى

وشدت بأهدابى اليهن أجفانى(٢)]

أي يُوقَعُ في خيالى أن الشهب مُحْكَمَةٌ بالمسامير لا تزول عن مكانها، وأن أجفان عينى قد شدت بأهدابها إلى الشهب، لطول ذلك الليل وغاية سهرى فيه، وهذا تخييل حسن، ولفظ يخيل يزيده حسنا(٣)[ومنها ما أخرج مُخرج الهزل والخلاعة كقوله:

أسكر بالأمس إن عزمت على الشر

ب غدا إن ذا من العجب(٤)]

__________________

(١) البيت للمتنبى، وفيه أيضا ما يقربه إلى الصحة وهو لفظة لو.

(٢) هو للقاضى الأرَّجَانِيِّ من شعراء الدولة العباسية.

(٣) لأنه يقربه من الصحة.

(٤) ذكر شارح الشواهد أنه لا يعرف قائله، وإنما كان ذلك ونحوه مقبولا لأن ما يوجب التضاحك من المحال لا يعد صاحبه موصوفا بنقيصة الكذب عرفا.

تطبيقات على المبالغة:

۵۲۰۱