وَالمَقْبُولُ مِنْهُ أَصْنَافٌ: مِنْها مَا أُدْخَلَ عَلَيْهِ ما يُقَرِّبُهُ إلَى الصِّحَّةِ نَحْوُ ـ يَكادُ ـ في قَوْلِهِ تَعَالى ـ يَكَادُ زَيْتُها يُضِىءُ وَلَوْلَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ ـ وَمِنْها ما تَضَمَّنَ نَوْعاً حَسَناً مِنَ التَّخْيِيلِ كَقَوْلِهِ:

عَقَدْتَ سَنَابِكُهَا عَلَيْهَا عَثِيراً

لَوْ تَبْتَغِى عَنَقاً عَلَيْهِ لَأَمْكَنَا


ممتنع عقلا وعادة [والمقبول منه] أي من الغلو [أصناف: منها ما أدخل عليه ما يقربه إلى الصحة نحو] لفظة [يكاد(١) في قوله تعالى ـ يكاد زيتها يضىء ولولم تمسسه نار ـ ومنها ما تضمن نوعا حسنا من التخييل كقوله: عقدت سنابكها] أي حوافر الجياد [عليها] يعنى فوق رؤوسها [عثيرا *] بكسر العين أي غبارا، ومن لطائف العلامة(٢) في شرح المفتاح العثير الغبار ولا تفتح فيه العين، وألطف من ذلك ما سمعت أن بعض البَغَّالين كان يسوق بغلته في سوق بغداد، وكان بعض عدول دار القضاء حاضرا فضرطت البغلة فقال البغال على ما هو دأبهم: بلحية العدل(٣) بكسر العين يعنى أحد شِقَّيِ الْوِقْرِ، فقال بعض الظرفاء على الْفَوْرِ: افتح العين فإن المولى حاضر(٤) ومن هذا الْقَبِيلِ ما وقع لي في قصيدة:

عَلاَ فأصبح يدعوه الورى مَلِكَا

ورَيْثَما فتحوا عَيْنَا غَدَا مَلَكَا

ومما يناسب هذا المقام أن بعض أصحابى ممن الغالب على لهجتهم إمالة الحركات نحو الفتحة أتانى بكتاب، فقلت: لمن هو؟ فقال: لمولانا عمر، بفتح العين، فضحك الحاضرون، فنظر إليَّ كالْمُتَعَرِّفِ عن سبب ضحكهم المسترشد لطريق

__________________

(١) ومثلها أخواتها في إفادة القرب، ولفظة لو، ولولا، وحرف التشبيه.

(٢) أي الشِّيرَازِيِّ، وإنما كان ذلك من اللطائف لما فيه من التورية أو التوجيه.

(٣) يعني أن ما فعلت يقع بلحية العدل لا بلحيته، وقد شبه العدل في ذلك برجل له لحية على سبيل الاستعارة المكنية.

(٤) في ذلك تورية أو توجيه أيضا.

۵۲۰۱