لاِنَّ المُدَّعَى إنْ كَانَ مُمْكِناً قلاً وَعَادَةً فَتَبْلِيغٌ كَقَوْلِهِ:

فَعَادَى عِدَاءً بَيْنَ ثَوْر وَنَعْجَة

دِرَاكاً فَلَمْ يَنْضَحْ بِمَاء فَيُغْسَلِ

وَإنْ كَاَ مُمْكِناً عَقْلاً لاَ عادَةً فَاغْرَاقٌ كَقَوْلِهِ:

وَنُكْرِمُ جَارَنَا مادَامَ فِينَا

وَنُتْبِعهُ الْكَرَامَةَ حَيْثُ مَالاَ

وَهُما مَقْبُولانِ، وَإلاَّ فَغُلُوٌّ كَقَوْلِهِ:

وَأَخَفْتَ أَهْلَ الشِّرْكِ حَتَّى إنَّهُ

لَتَخافُكَ النُّطَفُ الَّتي لَمْ تُخْلَقِ


لا بِمُجَرَّد الاستقراء بل بالدليل القطعى، وذلك [لأن المدعى إن كان ممكنا عقلا وعادة فتبليغ كقوله: فعادى] يعنى الفرس [عداء] هو الموالاة بين الصيدين يَصْرَعُ أحدهما على أثر الآخر في طَلْق واحد [بين ثور] يعنى الذكر من بقر الوحش [ونعجة *] يعنى الأنثى منها [دراكا] أي مُتَتَابِعاً ]فلم ينضح بماء فيغسل(١) [مجزوم معطوف على ينضح أي لم يَعْرَقْ فلم يغسل، ادعى أن فرسه أدرك ثورا ونعجة في مضمار واحد ولم يعرق، وهذا ممكن عقلا وعادة [وإن كان ممكنا عقلا لا عادة فاغراق كقوله: ونكرم جارنا مادام فينا * ونتبعه] من الاتباع أي نرسل [الكرامة] على أثره [حيث مالا(٢)] أي سار، وهذا ممكن عقلا لا عادة، بل في زماننا يكاد يلحق بالممتنع عقلا، إذ كل ممكن عادة ممكن عقلا [وهما] أي التبليغ والاغراق [مقبولان، وإلا] أي وإن لم يكن ممكنا لا عقلا ولا عادة، لامتناع أن يكون ممكنا عادة ممتنعا عقلا، إذ كل ممكن عادة ممكن عقلا ولا ينعكس [فغلو كقوله: وأخفت أهل الشرك حتى إنه *] الضمير للشأن [لتخافك النطف التي لم تخلق(٣)] فإن خوف النطفة الغير المخلوقة

__________________

(١) البيت لامرىء القيس في وصف فرس.

(٢) البيت لعمرو بن الأيْهَمِ التَّغْلَبِيّ.

(٣) البيت لأبي نواس من قصيدة له في مدح الرشيد.

۵۲۰۱