وَهِيَ ضَرْبَانِ: مُجَرَّدَةٌ، وَهِيَ الَّتِي لاَتُجَامِعُ شَيْئاً مِمَّا يُلاَئِمُ الْقَرِيبَ، نَحْوُ ـ الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ـ وَمُرَشَّحَةٌ، نَحْوُ ـ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْد.


على قرينة خفية(١) [وهي ضربان] الأولى [مجردة وهي] التورية [التي لا تجامع شيئا مما يلائم] المعنى [القريب(٢) نحو ـ الرحمان على العرش استوى] فإنه أراد باستوي معناه البعيد وهو استولى، ولم يقرن به شيء مما يلائم المعنى القريب الذي هو الاستقرار(٣)[و] الثانية [مرشحة] وهي التي تجامع شيئا مما يلائم المعني القريب [نحو ـ والسماء بنيناها بأيد] أراد بالأيدى معناه البعيد وهو القدرة، وقد قرن بها ما يلائم المعنى القريب الذي هو الجارحة المخصوصة وهو قوله ـ بنيناها ـ إذ البناء يلائم اليد، وهذا مبنى على ما اشتهر بين أهل الظاهر من المفسرين وإلا فالتحقيق أن هذا تمثيل(٤) وتصوير لعظيمته وتوقيف على كُنْهِ جلاله من غير أن يُتَمَحَّلَ

__________________

(١) أي لأجل أن يذهب الوهم قبل التأمل إلى إرادة المعنى القريب، وبهذا تتحقق التورية، والمعنى البعيد قد يكون مجازا، وقد يكون حقيقة كما في المشترك إذا كان أحد معنييه بعيدا باعتبار الاستعمال.

(٢) أو ذكر فيها لازمان لكل من القريب والبعيد.

(٣) أورد عليه أن العرش مما يلائم المعنى القريب وهو الاستقرار، فتكون مرشحة لا مجردة، فالأولى أن يمثل لها بمثل قول الشاعر:

وَمُولَع بِفخَاخ

يصيدها وشِبَاكِ

قالتْ لِيَ العين مَاذَا

يصيد قلتُ كَرَاكِي

فالعين من لوازم الكري بمعنى النوم، والصيد من لوازم الْكَرَاكِيِّ جمع كُرْكُيٍّ وهو طائر معروف.

(٤) شبهت فيه هيئة إيجاد الله السماء بقدرته بهيئة البناء الذي هو وضع لَبِنَة على أخرى باليد الحسية، ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به للمشبه استعارة تمثيلية، وكذلك قوله تعالى ﴿الرحمن على العرش استوى.

تطبيقات على التورية:

۵۲۰۱