وَيُلْحَقُ بِهِ نَحْوُ ـ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ـ فانَّ الرَّحْمَةَ مُسَبَّبَةٌ عَنِ اللَّيْنِ، وَنَحْوُ قَوْلِهِ:

لاَ تَعْجَبِى يا سَلْمُ مِنْ رَجُل

ضَحِكَ الْمَشِيبُ بِرَأْسِهِ فَبَكَى

وَيُسَمَّى الثَّانِي إيهَامَ التَّضَادِّ

وَدَخَلَ فِيهِ مَا يَخْتَصُّ بِاسْمِ الْمُقَابَلَةِ، وَهِيَ أَنْ يُؤْتَى بِمَعْنَيَيْنِ مُتَوَافِقَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ بِمَا يُقابِلُ ذلِكَ عَلَى التَّرْتِيبِ، وَالْمُرَادُ بالتَّوَافُقِ خِلاَف التَّقَابُلِ


[ويلحق به] أي بالطباق(١) شيئان: أحدهما الجمع بين معنيين يتعلق أحدهما بما يقابل الآخر نوع تَعَلُّق، مثل السَّبَبِيَّةِ واللزوم [نحو قوله تعالى ـ أشداء على الكفار رحماء بينهم ـ فإن الرحمة وإن لم تكن مقابلة للشدة لكنها مسببة عن اللين] الذي هو ضد الشدة [و] الثاني الجمع بين معنيين غير متقابلين عُبِّرَ عنهما بلفظين يتقابل معناهما الحقيقى [نحو قوله: لا تعجبى يا سلم من رجل *] يعنى نفسه [ضحك المشيب برأسه] أي ظهر ظهورا تَامّاً [فبكى(٢)] ذلك الرجل، فظهور الشيب لا يقابل البكاء إلا أنه قد عبر عنه بالضحك الذي معناه الحقيقى مُقَابِلٌ للبكاء [ويسمى الثاني إيهام التضاد] لأن المعنيين قد ذكرا بلفظين يُوهِمَانِ التضاد نظرا إلى الظاهر.

[ودخل فيه] أي في الطباق بالتفسير الذي سبق [ما يختص باسم المقابلة] وإن جعله السكاكى وغيره قسما برأسه من المحسنات المعنوية [وهي أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو أكثر ثم] يؤتى [بما يقابل ذلك] المذكور من المعنيين المتوافقين أو المعاني المتوافقة [على الترتيب] فيدخل في الطباق لأنه جمع بين معنيين متقابلين في الجملة [والمراد بالتوافق خلاف التقابل] حتى لا يشترط أن يكونا متناسبين أو

__________________

(١) الفرق بين الطباق والملحق به أن الطباق يكون التقابل فيه لذات اللفظ والمعنى بخلاف الملحق به.

(٢) البيت لدِعْبِلِ بن على الْخُزَاعِيِّ من شعراء الدولة العباسية.

۵۲۰۱