قَوْلُهُمْ ـ الْمَجْدُ بَيْنَ ثَوْبِيهِ وَالْكَرَمُ بَيْنَ بُرْدَيْهِ.

وَالْمُوْصُوفُ في هذَينِ الْقِسْمَينِ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَذْكُور كما يُقالُ في عُرْضِ مَنْ يُؤْذِى الْمُسْلِمِينَ ـ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ:

السَّكَّاكِيُّ: الْكِنَايةُ تَتَفَاوَتُ إلى تَعْرِيض وَتَلْوِيح وَرَمْز وَإيمَاء وَإشَارَة،


تُجْعَلَ فيما يحيط به ويشتمل عليه [قولهم ـ المجدبين ثوبيه والكرم بين برديه] حيث لم يصرح بثبوت المجد والكرم له، بل كَنَى عن ذلك بكونهما بين برديه وبين ثوبيه، فإن قلت ههنا قسم رابع وهو أن يكون المطلوب بها صفة ونسبة معا كقولنا ـ كَثُرَ الرماد في ساحة زيد ـ قلت ليس هذا كناية واحدة بل كنايتان: إحداهما المطلوب بها نفس الصفة وهي(١) كثرة الرماد كناية عن الْمِضْيَافِيَّةِ، والثانية المطلوب بها نسبة الضيافية إلى زيد وهو جعلها في ساحته ليفيد إثباتها له.

[والموصوف في هذين القسمين] يعنى الثاني والثالث [قد يكون] مذكورا كما مر وقد يكون [غير مذكور كما يقال في عرض من يؤذى المسلمين ـ المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده] فإنه كناية عن نفي صفة الإسلام عن المؤذي، وهو غير مذكور في الكلام، وأما القسم الأول(٢) وهو ما يكون المطلوب بالكناية نفس الصفة وتكون النسبة مصرحا بها فلا يخفى أن الموصوف فيها يكون مذكوراً لا محالة لفظا أو تقديرا، وقوله ـ في عرض من يؤذى ـ معناه في التعريض به، يقال ـ نظرت إليه من عُرْض بالضم ـ أي من جانب وناحية.

قال [السكاكى: الكناية تتفاوت إلى تعريض وتلويح ورمز وإيماء وإشارة] وإنما قال ـ

__________________

(١) أي إحداهما لا الصفة.

(٢) يعنى به القسم الأول من هذين القسمين لا القسم الأول من الكناية، ومراده تقييد كلام المصنف في حذف الموصوف في هذا القسم بحالة عدم التصريح بالنسبة.

۵۲۰۱