أَوْ خَفِيَّةٌ كَقَوْلِهِمْ كِنَايَةً عَنِ الْأَبْلهِ ـ عَرِيضُ الْقَفَا ـ وَإنْ كَانَ بِوَاسِطة فَبَعِيدَةٌ، كَقَوْلِهِمْ ـ كَثِيرُ الرَّمَادِ ـ كِنَايَةً عَنِ الْمِضْيَافِ، فإنَّهُ يُنْتَقَلُ مِنْ كَثْرَةِ الرَّمَادِ إلى كَثْرَةِ إحراقِ الحَطَبِ تَحْتَ الْقُدُورِ، وَمِنْهَا إلى كَثْرَةِ الطَّبَائِخِ، وَمِنْهَا إلى كَثْرَةِ الاْكَلَةِ، وَمِنْهَا إلى كَثْرَةِ الضَّيْفَانِ، وَمِنْهَا إلَى الْمَقْصُودِ.


الضمير أنك تقول ـ هند طويلة النجاد، والزيدان طويلا النجاد، والزيدون طوال النجاد ـ فتؤنث وتثنى وتجمع الصفة ألْبَتَّةَ لاسنادها إلى ضمير الموصوف، بخلاف ـ هند طويل نجادها والزيدان طويل نجادهما والزيدون طويل نجادهم ـ وإنما جعلنا الصفة المضافة كناية مشتملة على نوع تصريح ولم نجعلها تصريحا للقطع بأن الصفة في المعنى صفة للمضاف إليه، واعتبار الضمير رِعَايَةٌ لأمر لفظى وهو امتناع خلو الصفة عن معمول مرفوع بها [أو خفية] عَطْفٌ على واضحة، وخفاؤها بأن يتوقف الانتقال منها على تَأمُّل وإعمال رَوِيَّة [كقولهم كناية عن الأبله ـ عريض القفاء] فإن عُرْضَ القفا وعِظَمِ الرأس بالافراط مما يستدل به على البلاهة، فهو ملزوم لها بحسب الاعتقاد(١)لكِنْ في الانتقال منه إلى البلاهة نوع خفاء لا يطلع عليه كل أحد، وليس الخفاء بسبب كثرة الوسائط والانتقالات حتى تكون بعيدة [وإن كان] الانتقال من الكناية إلى المطلوب بها [بواسطة فبعيدة كقولهم ـ كثير الرماد ـ كناية عن المضياف، فإنه ينتقل من كثرة الرماد إلى كثرة إحراق الحطب تحت القدور ومنها] أي ومن كثرة الاحراق [إلى كثرة الطبائخ ومنها إلى كثرة الأكلة] جمع آكل [ومنها إلى كثرة الضيفان] بكسر الضاد جمع ضيف [ومنها إلى المقصود] وهو المضياف، وبحسب قلة الوسائط وكثرتها تختلف الدلالة على المقصود وضوحا وخفاء.

__________________

(١) أي عند من يعتقد أن البلاهة لازمة لذلك، ولا يلزم من اعتقاده ذلك أن يكون اللزوم واضحا عنده، لأنه لا يلزم في كل ما يعتقده الإنسان أن يكون واضحا.

۵۲۰۱