وَعَنَى بالْمَكْنِيِّ عَنْها أَنْ يَكُونَ الْمَذْكُورُ هُوَ الْمُشَبَّهَ عَلَى أَنَّ المُرَادَ بالْمَنِيَّةِ السَّبُعُ باِدِّعَاءِ السَّبُعِيَّةِ لَها بِقَرِينَةِ إضَافَةِ الأَظْفَارِ إلَيْها، وَرُدَّ بِأَنْ لَفْظ الْمُشَبَّهِ فِيهَا مُسْتَعْمَلٌ فِيما وُضِعَ لَهُ تَحْقِيقاً وَالاِسْتِعَارَةُ لَيْسَتْ كَذلِكَ، وَإضَافَةُ نَحْوِ الْأَظْفَارِ قَرِينَةُ التَّشْبِيهِ.


احتياج إلى تَوَهُّمِ صورة واعتبار مجاز في الافتراس، بخلاف ما إذا قلنا ـ رأيت شجاعا يفترس أقرانه ـ فانا نحتاج إلى ذلك ليصح إثباته للشجاع، فَلْيُتَأَمَّلْ ففي الكلام دِقَّةٌ مَّا.

[وعنى بالمكنى عنها] أي أراد السكاكى بالاستعارة المكنى عنها [أن يكون] الطرف [المذكور] من طرفى التشبيه [هو المشبه] ويراد به المشبه به [على أن المراد بالمنية] في مثل ـ أنشبت المنية أظفارها ـ هو [السبع بادعاء السبعية لها] وإنكار أن تكون شيئا غير السبع [بقرينة إضافة الأظفار] التي هي من خواص السبع [إليها] أي إلى المنية، فقد ذكر المشبه وهو المنية وأراد به المشبه به وهو السبع، فالاستعارة بالكناية لا تَنْفَكُّ عن التخييلية، بمعنى أنه لا توجد استعارة بالكناية بدون الاستعارة التخييلية(١) لأن في إضافة خواص المشبه به إلى المشبه استعارة تخييلية [ورد] ما ذكره من تفسير الاستعارة المكنى عنها [بأن لفظ المشبه فيها] أي في الاستعارة بالكناية كلفظ المنية مثلا [مستعمل فيما وضع له تحقيقا] للقطع بأن المراد بالمنية هو الموت لا غير [والاستعارة ليست كذلك] لأنه قد فسرها بأن تذكر أحد طَرفي التشبيه وتريد به الطرف الآخر، ولما كان ههنا مَظِنَّةُ سؤال وهو أنه لو أريد بالمنية معناها الحقيقى فما معنى إضافة الأظفار إليها أشار إلي جوابه بقوله [وإضافة نحو الأظفار قرينة التشبيه] المضمر في النفس يعنى تشبيه المنية بالسبع، وكأن هذا الاعتراض من أقوى اعتراضات المصنف على السكاكى، وقد يجاب عنه بأنه وإن صُرِّحَ بلفظ

__________________

(١) وليس ذلك بمعنى أن كلا منهما لا يوجد بدون الآخر، لأن التخييلية عند السكاكى قد توجد بدون المكنية كما سبق في ص ٣٨٣ من هذا الجزء.

(٢) يعنى الموت المدعى سَبُعِيَّتُهُ، فلا يكون لفظ المنية مستعملا فيما وضع له تحقيقا حتى ينافى ذلك كونه استعارة، لأنه حقيقة في الموت من حيث هو لا في هذا الموت الادعائى.

۵۲۰۱