وَيَقْتَضِى أَنْ يَكُونَ التَّرْشِيحُ تَخْيِيلِيَّةً لِلزُومِ مِثْلِ ما ذَكَرَهِ فِيهِ.


ذكره غيره [ويقتضى] ما ذكره السكاكى في التخييلية [أن يكون الترشيح] استعارة [تخييلية للزوم مثل ما ذكره] السكاكى في التخييلية من إثبات صورة وهمية [فيه] أي في الترشيح، لأن في كُلٍّ من التخييلية والترشيح إثباتَ بعض ما يخص المشبه به للمشبه، فكما أُثْبِتَ للمينة التي هي المشبه ما يخص السبع الذي هو المشبه به من الأظفار، كذلك أثْبِتَ لاختيار الضلالة على الهدى(١) الذي هو المشبه ما يخص المشبه به الذي هو الاشتراء الحقيقي من الربح والتجارة، فكما اعْتُبِرَ هنالك صورةٌ وهمية شبيهة بالأظفار فليعتبر ههنا أيضا أمر وهمى شبيه بالتجارة وآخر شبيه بالربح، ليكون استعمال الربح والتجارة بالنسبة إليهما استعارتين تخييليتين، إذ لا فرق بينهما إلا بأن التعبير عن المشبه الذي أثبت له ما يخص المشبه به كالمنية مثلا في التخييلية بلفظه الموضوع له كلفظ المنية، وفي الترشيح بغير لفظه كلفظ الاشتراء المعبر به عن الاختيار والاستبدال الذي هو المشبه، مع أن لفظ الاشتراء ليس بموضوع له، وهذا الفرق لا يوجب اعتبار المعنى الْمُتَوَهَّمِ في التخييلية وعدم اعتباره في الترشيح، فاعتباره في أحدهما دون الآخر تحكم(٢) والجواب أن الأمر الذي هو من خواص المشبه به لما قُرِنَ في التخييلية بالمشبه كالمنية مثلا جعلناه مجازا عن أمر متوهم يمكن إثباته للمشبه، وفي الترشيح لما قرن بلفظ المشبه به لم يحتج إلى ذلك، لأن المشبه به جُعِلَ كأنه هو هذا المعنى مقارنا للوازمه وخَوَاصِّهِ، حتى إن المشبه به في قولنا ـ رأيت أسدا يفترس أقرانه ـ هو الأسد الموصوف بالافتراس الحقيقى من غير

__________________

(١) في قوله تعالى ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلاَلَةَ بالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ.

(٢) وهذا مع أنه لا يمكن اعتباره فيهما، لأنه لم يقل أحد بوجود التخييل في الاستعارة المصرحة لما فيه من مزيد التعسف، فليس امام السكاكى إلا عدم اعتباره في أحدهما دون الآخر وارتكاب التحكم.

۵۲۰۱