وجود اللازم عند وجود الملزوم، والجواب أنه عَدَّ التمثيل قسما من مطلق الاستعارة التصريحية التحقيقية لا من الاستعارة التي هي مجاز مفرد، وقسمة المجاز المفرد إلى الاستعارة وغيرها لا توجب كَوْنَ كُلِّ استعارة مجازاً مفرداً، كقولنا ـ الأبيض إما حيوان أو غيره ـ والحيوان قد يكون أبيض وقد لا يكون، على أن لفظ المفتاح صريح في أن المجاز الذي جعله منقسما إلى أقسام ليس هو المجاز المفرد المفسر بالكلمة المستعملة في غير ما وضعت له، لأنه قال بعد تعريف المجاز: إن المجاز عند السلف قسمان: لغوى، وعقلى، واللغوى قسمان: راجع إلى معنى الكلمة، وراجع إلى حكم الكلمة، والراجع إلى المعني قسمان: خَال عن الفائدة، ومُتَضَمِّنٌ لها، والمتضمن للفائدة قسمان: استعارة، وغير استعارة، وظاهر أن المجاز العقلي والراجع إلى حكم الكلمة خارجان عن المجاز بالمعنى المذكور(١) فيجب أن يريد بالراجع إلى معنى الكلمة أَعَمَّ من المفرد والمركب ليصح الحصر في القسمين(٢) وأجيب بوجوه أُخَرَ: الأول أن المراد بالكلمة اللفظ الشامل للمفرد والمركب نحو ـ كلمة الله(٣) والثاني أنا لا نسلم أن التمثيل يستلزم التركيب، بل هو استعارة مبنية على التشبيه التمثيلى، وهو قد يكون طرفاه مفردين(٤) كما في قوله تعالى ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً الآية، والثالث أن إضافة الكلمة إلى شيء أو تقييدها واقترانها بألف شيء لا يخرجها عن أن تكون كلمة، فالاستعارة في مثل ـ أراك

__________________

(١) وهو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له.

(٢) يعنى اللغوي والعقلى، وإنما وجب ذلك لأنه لو أراد بالراجع إلى معنى الكلمة المفرد فقط لم يصح الحصر فيهما، لأن اللغوي حينئذ لا يشمل الراجع إلى معنى الكلمة إذا كان مركبا، فيبقى قسم آخر خارج عن القسمين.

(٣) أي من قوله تعالى ﴿وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فالمراد بها كلامه، وقد رد هذا الجواب بأن إطلاق الكلمة على ذلك مجاز، والتعريفات يجب صونها عن المجازات الخالية عن القرينة.

(٤) الحق أن كلا من مجاز التمثيل وتشبيه التمثيل لا يجرى في المفردين أصلا، وما سبق من أن تشبيه الثريا بالعنقود من تشبيه التمثيل خلاف التحقيق.

۵۲۰۱