فالصِّبَا مِنَ الصَّبْوَةِ بِمَعْنَى الْمَيْلِ إلَى الْجَهْلِ وَالْفُتُوَّةِ، وَيَحْتَمِلَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَفرَاسِ وَالرَّوَاحِلِ دَوَاعِيَ النُّفُوسِ وَشَهَوَاتِهَا وَالْقُوَى الْحَاصِلَةِ لَهَا في اسْتِيفَاءِ اللَّذَّاتِ أَوْ الْأَسْبَابَ الَّتِي قَلَّمَا تَتَآخَذُ في اتِّبَاعِ الْغَيِّ إلاَّ أَوَانَ الصِّبَا، فَتَكُونُ الاِسْتِعَارَةُ تَحْقِيقِيَّةً.


الأفراس والرواحل استعارة تخييلية [فالصبا] على هذا التقدير(١) [من الصبوة بمعني الميل إلى الجهل والفتوة] يقال ـ صَبَا يَصْبُو صَبْوةً وصُبواً ـ أي مال إلى الجهل والفتوة، كذا في الصَّحَاحِ، لا من الصَّبَاء بالفتح والمد، يقال ـ صَبِيَ صَبَاءً مثل سمع سماعا ـ أي لعب مع الصبيان [ويحتمل أنه] أي زهيرا [أراد] بالأفراس والرواحل [دواعي النفوس وشهواتها والقوى الحاصلة لها في استيفاء اللذات، أو] أراد بها [الأسباب التي قلما تتآخذ في اتباع الغى إلا أوان الصبا] وعُنْفُوَان الشباب، مثل المال والْمُنَالِ والاخوان والأعوان [فتكون الاستعارة] أي استعارة الأفراس والرواحل [تحقيقية] لِتَحَقُّقِ معناها عقلا إذا أريد بهما الدواعى، وحِسّاً إذا أريد بهما أسباب اتباعِ الغى من المال والمنال(٢) مَثَّلَ

__________________

(١) وكذلك على التقدير الآتى وإنما لم يكن من الصبا على هذا التقدير لأنه لا يناسبه قوله ـ صحا القلب عن سلمى ـ ولا على التقدير الآتى، لأنه لا تناسبه الأفراس والرواحل ولا استعارتها.

(٢) وعلى هذا لا يكون في البيت استعارة مكنية ولا تخييلية، وإنما يكون فيه استعارة تحقيقية تصريحية، وقد سبق أن الزمخشرى يجوز أن تكون قرينة المكنية استعارة تحقيقية، فيكون في البيت عليه استعارة مكنية وتصريحية.

تطبيقات عامة على الاستعارة:

١ـ بكتْ لُؤْلُؤاً رَطْباً ففاضتْ مدامعى

عَقِيقاً فصار الْكُلُّ في نحرها عِقْداً

٢ـ لَسْنَا وإنْ أحسابُنَا كَرُمَتْ

يوماً على الأحساب نَتَّكِلُ

٣ـ إذا ما الدهر جَرَّ على أناس

كَلاَكِلَهُ أَناخَ بآخَرِينَا

٤ـ أَحَشَفاً وسُوءَ كِيلَة.

شبه في الأول الدمع باللؤلؤ بجامع البياض والاتساق، واستعير اللؤلؤ للدمع استعارة تصريحية أصلية،

۵۲۰۱