شَبَّهَ الْحَالَ بإنْسَان مُتكَلِّم في الدَّلاَلةِ عَلى المَقْصُودِ، فَأَثْبَتَ لها اللِّسَانَ الَّذِي بِهِ قِوَامُهَا فِيهِ،


شبه الحال بإنسان متكلم في الدلالة على المقصود] وهو استعارة بالكناية [فأثبت لها] أي للحال [اللسان الذي به قوامها] أي قوام الدلالة [فيه] أي في الإنسان المتكلم، وهذا الاثبات استعارة تخييلية، فعلى هذا كُلُّ من لفظى الأظفار والمنية حقيقة مستعملة في معناها الموضوع له، وليس في الكلام مجاز لغوي(١) والاستعارة بالكناية والاستعارة التخييلية فعلان من أفعال المتكلم متلازمان، إذ التخييلية يجب أن تكون قرينة للمكنية أَلْبَتَّةَ، والمكنية يجب أن تكون قرينتها تخييلية ألبتة(٢) فمثل قولنا ـ أظفار المنية الشبيهة بالسبع أهلكت فلانا ـ يكون ترشيحا للتشبيه، كما أن أطولكن في قوله عليه‌السلام «أسرعكنَّ لُحُوقاً بي أطولكنَّ يدا» أي نعمة ترشيح للمجاز(٣).

هذا ـ ولكن تفسير الاستعارة بالكناية بما ذكره المصنف شيء لا مُسْتَنَدَ له في كلام السلف، ولا هو مَبْنِيٌّ على مناسبة لغوية، ومعناها المأخوذ من كلام السلف هو ألاَّ يُصَرَّحَ(٤) بذكر المستعار بل بذكر رَدِيفِهِ ولازمه الدالِّ عليه، فالمقصود بقولنا ـ أظفار المنية ـ استعارة السبع للمنية كاستعارة الأسد للرجل الشجاع، إلا أنا لم نصرح بذكر المستعار أعنى السبع، بل اقتصرنا على ذكر لازمه وهو الأظفار لِيُنْتَقَلَ منه

__________________

(١) وإنما ذلك مجاز عقلي نحو ـ أنبت الربيع البقل ـ لأنه ليس فيه إلاإثبات شيء لشيء ليس هوله.

(٢) قد خالف الزمخشرى في هذا، وجوز أن تكون قرينة المكنية استعارة تصريحية تحقيقية كما في قوله تعالى ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ.

(٣) فالترشيح على هذا لا تختص بالاستعارة التصريحية، بل يأتى في التشبيه والمجاز المرسل، أما التخييل فمختص بالاستعارة المكنية.

(٤) الكلام على حذف مضاف تقديره هو ذو ألا يصرح أي اسم المشبه به المستعار في النفس الموصوف بعدم التصريح به على ما سبق في بيان مذهب السلف.

۵۲۰۱