لِلْمُشَبَّهِ اسْتِعارَةً تَخْيِيلِيَّةً، كما في قَوْلِ الْهُذَلِيِّ:
* وَإذَا الْمَنِيَّةُ أَنشَبَتْ أَظْفارَهَا *
شَبَّهَ المَنِيَّةَ بالسَّبُعِ في اغتِيالِ النُّفُوسِ بالْقَهْرِ وَالغَلَبةِ منْ غَيْرِ تَفْرِقَة بينَ نَفَّاع وَضَرَّار، فَأَثْبَتَ لَهَا الْأَظْفارَ الَّتِي لاَ يكْمُلُ ذلِكَ فِيهِ بدُونِها، وكَما في قَوْلِ الآخَرِ:
وَلَئِنْ نَطَقْتُ بِشُكْرِ بِرِّكَ مُفْصِحاً
فَلِسَانُ حَالِى بِالشِّكَايَةِ أَنْطَقُ
[للمشبه استعارة تخييلية] لأنه قد استعير للمشبه ذلك الأمر الذي يخص المشبه به وبه يكون كمال المشبه به أو قِوَامُهُ في وجه الشبه، لِيُخَيَّلَ أن المشبه من جنس المشبه به [كما في قول الهذلى(١) وإذا المنية أنشبت] أي عَلَّقَتْ [أظفارها]:
* ألفَيْتَ كل تَمِيمَة لا تنفَعُ *
التميمة الْخَزَرَةُ التي تجعل مَعَاذَةً أي تعويذا، أي إذا عَلَّقَ الموتُ مِخْلَبَهُ في شيء ليذهب به بطلت عنده الْحِيَلُ [شبه] الهذلى في نفسه [المنية بالسبع في اغتيال النفوس بالقهر والغلبة من غير تفرقة بين نفاع وضرار] ولا رِقَّة لمرحوم، ولا بُقْيَا على ذي فضيلة [فأثبت لها] أي للمنية [الأظفار التي لا يكمل ذلك] الاغتيال [فيه] أي في السبع [بدونها] تحقيقا للمبالغة في التشبيه، فتشبيه المنية بالسبع استعارة بالكناية، وإثبات الأظفار لها استعارة تخييلية [وكما في قول الآخر:
ولئن نطقت بشكر برك مفصحا
فلسان حالى بالشكاية أنطق(٢)
__________________
(١) هو أبو ذُؤَيْب خُوَيْلِدُ بن خالد من الشعراء المخضرمين.
(٢) ذكر شارح الشواهد أنه لم يعرف قائله، وقبله هذا البيت:
لا تحسبنَّ بَشَاشَتِى لك عن رِضاً
فَوَحَقِّ جُودِكَ إنني أَتَمَلَّقُ
ومراده أن لسان حاله أنطق بالشكاية منه، لأن ضَرَّهُ أكثره من بِرِّهِ.