وَمَبْناهُ عَلَى تَناسِى التَّشْبِيهِ حَتَّى إنَّهُ يُبْنَى عَلَى عُلُوِّ الْقَدْرِ ما يُبْنَى عَلَى عُلُوِّ الْمَكَانِ كَقَوْلِهِ:

وَيَصْعَدُ حَتَّى يَظُنَّ الْجَهُولُ

بِأَنَّ لَهُ حَاجَةً في السَّماءِ

وَنَحْوُهُ ما مَرَّ مِنْ التَّعَجُّبِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ،


فترشيحها بما يلائم المستعار منه تحقيق لذلك وتقوية له [ومبناه] أي مبنى الترشيح [على تناسى التشبيه] وادِّعَاءِ أن المستعار له نفس المستعار منه لا شَيْءٌ شبيه به [حتى إنه يبنى على علو القدر] الذي يستعار له علو المكان [ما يبنى على علو المكان، كقوله:

ويصعد حتى يظن الجهول

بأن له حاجة في السماء(١)]

استعار الصعود لعلو القدر والارتقاء في مدارج الكمال، ثم بَنَى عليه ما يُبْنَى على علو المكان والارتقاء إلى السماء من ظَنِّ الجهول أن له حاجة في السماء، وفي لفظ الجهول زيادة مبالغة في المدح،لِمَا فيه من الاشارة إلى أن هذا إنما يظنه الجهول، وأما العاقل فيعرف أنه لا حاجة له في السماء لاتصافه بسائر الكمالات، وهذا المعنى مما خفى على بعضهم فتوهم أن في البيت تقصيرا في وصف علوه حيث أثبت هذا الظن للكامل الجهل بمعرفة الأشياء [ونحوه] أي مثل البناء على علو القدر ما يبنى على علو المكان لتناسى التشبيه [ما مر من التعجب] في قوله:

قامتْ تُظَلِّلُنِي

ومِن عَجَبِ شَمْسٌ تظللنى من الشَّمْسِ

[والنهي عنه] أي عن التعجب في قوله:

لا تعجبوا من بِلَى غِلاَلَتِهِ

قد زَرَّ أَزْرَارَهُ على الْقَمَرِ

إذ لولم يقصد تناسى التشبيه وإنكاره لما كان للتعجب والنهي عنه جهة على ما

__________________

(١) هو لأبي تمام من قصيدة له في رثاء خالد بن يزيد الشيباني.

۵۲۰۱