وَإذَا جازَ الْبِناءُ عَلَى الْفَرْعِ مَعَ الْإِعْتِرَافِ بِالْأَصْلِ كَمَا في قَوْلِهِ:

هِيَ الشَّمْسُ مَسكَنُها في السَّماءِ

فَعَزَّ الفُؤَادَ عَزَاءً جَمِيلاَ

فَلَنْ تَسْتَطِيعَ إلَيْهَا الصُّعُودَا

وَلنْ تَسْتَطِيعَ إلَيْكَ النُّزُولاَ

فَمَع جَحْدِهِ


سبق(١) ثم أشار إلى زيادة تقرير لهذا الكلام فقال [وإذا جاز البناء على الفرع] أي المشبه به [مع الاعتراف بالأصل] أي المشبه، وذلك لأن الأصل في التشبيه وإن كان هو المشبه به من جهة أنه أقوى وأعرف إلا أن المشبه هو الأصل من جهة أن الغرض يعود إليه، وأنه المقصود في الكلام بالنفي والاثبات [كما في قوله: هي الشمس مسكنها في السماء * فعز] أمْرٌ من ـ عَزَّاهُ ـ حمله على العزاء وهو الصبر [الفؤاد عزاء جميلا * فلن تستطيع] أنت [إليها] أي إلى الشمس [الصعودا * ولن تستطيع] الشمس [إليك النزولا(٢)] والعامل في إليها وإليك ـ هو المصدر بعدهما إن جوزنا تقديم الظرف على المصدر، وإلا فمحذوف يفسره الظاهر، فقوله ـ هي الشمس ـ تشبيه لا استعارة، وفي التشبيه اعتراف بالمشبه، ومع ذلك فقد بُنِيَ الكلام على المشبه به أعنى الشمس وهو واضح، فقوله ـ وإذا جاز البناء ـ شرط جوابه قوله [فمع جحده] أي جحد الأصل

__________________

(١) أنظر ص ٣٤٥ من هذا الجزء.

(٢) البيتان للعباس بن الأحنف من شعراء الدولة العباسية.

تطبيقات على الاستعارة المطلقة والمرشحة والمجردة:

١ـ رَمْتنِي بسهم ريشُهُ الْكُحْلُ لم يَضِرْ

ظَوَاهِرَ جلد وهْوَ للقلب جارحُ

٢ـ إنَّ التباعُدَ لا يَضُ ـ

ـرُّ إذ تقاربَتِ القلوبْ

٣ـ فَتىً كلما فاضتْ عيونُ قبيلة

دَماً ضحكتْ عنه الأحاديثُ والذِّكْرُ

في الأول استعارة السهم للنظر بجامع التأثير فيهما، وذكر الريش الملائم للسهم ترشيح، وفي الثاني استعارة التقارب لِلتَّوَادِّ بجامع الألفة، وهي استعارة مطلقة، وفي الثالث استعارة الفيضان لنزول الدموع بجامع الكثرة فيهما، وذكر الدم تجريد لأنه يناسب العيون.

۵۲۰۱