تعتمد التشبيه، والتشبيه يقتضى كَوْنَ الْمُشَبَّهِ موصوفا بوجه الشبه أو بكونه مشاركا للمشبه به في وجه الشبه، وإنما يصلح لِلْمَوْصُوفِيَّة الحقائق أي الأمور المتقررة الثابتة، كقولك ـ جسم أبيض، وبياض صَاف ـ دون معاني الأفعال والصفات المشتقة منها لِكَوْنِهَا متجددة غير متقررة بواسطة دخول الزمان في مفهوم الأفعال وعروضه للصفات(١) ودون الحرف وهو ظاهر(٢) كذا ذكروه وفيه بحث، لأن هذا الدليل بعد استقامته لا يتناول اسم الزمان والمكان والآلة لأنها تصلح للموصوفية(٣) وهم أيضا(٤)صرحوا بأن المراد بالمشتقات هو الصفات دون اسم الزمان والمكان والآلة، فيجب أن تكون الاستعارة في اسم الزمان ونحوه أصلية، بأن يقدر التشبيه في نفسه لا في مصدره، وليس كذلك للقطع بأنا إذا قلنا ـ هذا مَقْتَلُ فلان ـ للموضع الذي ضُرِبَ فيه ضربا شديدا، أو ـ مُرْقَدُ فلان ـ لقبره، فإن المعنى على تشبيه الضرب بالقتل والموت بالرقاد، وأن الاستعارة في المصدر لا في نفس المكان، بل التحقيق أن الاستعارة في الأفعال وجميع المشتقات التي يكون القصد بها إلى المعاني القائمة بالذوات تبعية، لأن المصدر الدال على المعنى القائم بالذات هو المقصود الْأَهَمُّ الجدير بأن يُعْتَبَرَ فيه التشبيه، وإلا لذكرت الألفاظ الدالة على نفس الذوات دون ما يقوم بها

__________________

(١) بخلاف المصدر لعدم اشتماله على النسبة المستلزمة للزمان.

(٢) لأن معانيها آلات لملاحظة غيرها، فيكون غيرها هو المقصود بالافادة، وهذا يمنع من وصفها ومن الحكم عليها.

(٣) نحو ـ مقام واسع وزمان صعب ومفتاح معتدل.

(٤) هذا اعتراض بقصور دعواهم بعد الاعتراض بقصور دليلهم، لأن الاستعارة في الثلاثة تبعية كسائر المشتقات باتفاق، وكان الأولى قصر الاعتراض على قصور الدعوى، لأنه لا يكون هناك قصور في الدليل بعد قصورها.

۵۲۰۱