لِأَنَّ الطَّرَفَيْنِ إنْ كَانَا حِسِّيَّيْنِ فَالْجَامِعُ إمَّا حِسِّيٌّ نَحْوُ ـ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ ـ فَإنَّ الْمُسْتَعارَ مِنْهُ وَلَدُ الْبَقَرَةِ وَالْمُسْتَعارَ لَهُ الْحَيَوانُ الَّذِي خَلَقَهُ اللهُ تَعَالى مِنْ حُلِيِّ الْقِبْطِ وَالْجامِعُ لَهُمَا الشَّكْلُ، وَالْجَمِيعُ حِسِّيٌّ،


لِمَا سبق في التشبيه(١) لكنه في القسم الأول إما حسي أو عقلي أو مختلف تصير ستة، وإلى هذا أشار بقوله [لأن الطرفين إن كانا حسيين فالجامع إما حسي، نحو ـ فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار(٢) فإن المستعار منه ولد البقرة والمستعار له الحيوان الذي خلقه الله تعالى من حلى القبط] التي سبكتها نار السَّامِرِيِّ عند إلقائه في تلك الحلى التُّرْبَةَ التي أخذها من مَوْطِيء فرس جبريل عليه‌السلام [والجامع الشكل] فإن ذلك الحيوان كان على شكل ولد البقرة [والجميع] من المستعار منه والمستعار له والجامع [حسي] أي

__________________

(١) أنظر ص ٢٩٩ من هذا الجزء.

تطبيقات على أقسام الاستعارة باعتبار الجامع:

١ـ نَثَرْتُهُمُ فوق الْأُحَيْدِبِ نثرة

كما نُثِرَتْ فوق الْعَرُوسِ الدراهمُ

٢ـ وجعلتُ كُورِى فوق ناجيةً

يقتاتُ شحم سَنَامِهَا الرَّحْلُ

٣ـ فقلتُ له لَمَّا تَمَطَّى بِصُلْبِهِ

وأرْدَفَ أعجازاً وناءَ بِكَلْكَلِ

في الأول استعارة النثر لاسقاط المنهزمين، والجامع داخل في مفهوم الطرفين، وفي الثاني استعارة الاقتيات لاذهاب الرحل شحم السنام، وهي استعارة غريبة لا يدركها إلا الخاصة، وفي الثالث حصلت الغرابة في الاستعارة بالجمع بين عدة استعارات، فقد أراد وصف الليل بالطول فاستعار له اسم الصلب ثم الإعجاز ثم الكلكل، وتم له بهذا تصوير الليل بصورة البعير على أبلغ وجه وأدقه.

(٢) قيل إن هذا ليس من الاستعارة، لأن قوله ـ جسدا له خوار ـ صريح في أنه لم يكن عجلا، إذ لا يقال للبقر إنه جسد له صوت البقر، فالمراد فأخرج لهم مثل عجل كما في قوله تعالى ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ من الْخَيْطِ الاْسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ فالبيان فيهما أخرجهما من الاستعارة إلى التشبيه، وأجيب بأن البيان هنا أخرجه عن إرادة العجل الحقيقى إلى الادعائى، فهو قرينة الاستعارة، بخلاف البيان في قوله ـ من الفجر ـ فإنه أخرجه عن إرادة الخيط الحقيقى وإرادة الادعائى وهو الفجر، إذا لا يبين الشيء نفسه، فلابد فيه من تقدير المثل.

۵۲۰۱