غَيْرُ دَاخِل كَما مَرَّ، وَأَيْضاً إمَّا عامِّيَّةٌ وَهِيَ المُبْتَذَلَةُ لِظُهُورِ الْجَامِعِ فِيهَا نَحْوُ ـ رَأَيْتُ أَسَداً يَرْمِى ـ أَوْ خَاصِّيَّةٌ وَهِيَ الْغرِيبَةُ، وَالْغَرَابَةُ قَدْ تَكُونُ في نَفْسِ الشَّبَهِ كَقَوْلِهِ:

وَإذَا احْتَبى قَرَبُوسَهُ بِعِنَانِهِ

عَلَكَ الشَّكِيمَ إلى انْصِرَافِ الزَّائِرِ

وَقَدْ تَحْصُلُ بِتَصَرُّف في


غير داخل] عَطْفٌ على ـ إما داخل [كما مر] من استعارة الأسد للرجل الشجاع والشمس للوجه الْمُتَهَلِّلِ ونحو ذلك، لظهور أن الشجاعة عارض للأسد لا داخل في مفهومه، وكذا التَّهَلُّلُ للشمس.

[وأيضا] للاستعارة تقسيم آخر باعتبار الجامع وهو أنها [إما عامية، وهي المبتذلة لظهور الجامع فيها، نحو ـ رأيت أسدا يرمى ـ أو خاصية وهي الغريبة] التي لا يطلع عليها إلا الْخَاصَّةُ الذين أوتوا ذهنا به ارتفعوا عن طبقة الْعَامَّةِ [والغرابة قد تكون في نفس الشبه] بأن يكون تشبيها فيه نوع غرابة [كما في قوله] في وصف الفرس بأنه مؤدب، وأنه إذا نزل صاحبه عنه وألقى عِنَانَهُ في قَرَبُوسِ سَرْجِهِ وقف مكانه إلى أن يعود إليه [وإذا احتبى قربوسه] أي مُقَدَّمَ سرجه [بعنانه * علك الشكيم إلى انصراف الزائر(١)] الشكيم والشكيمة هي الحديدة الْمُعْتَرِضَةُ في فم الفرس، وأراد بالزائر نفسه، شَبَّهَ هيئة وقوع العنان في موقعه من قربوس السرج ممتدا إلى جانبى فم الفرس بهيئة وقوع الثوب في موقعه من رُكْبَتَىِ الْمُحْتَبِى ممتدا إلى جانبى ظهره، ثم استعار الاحتباء وهو أن يجمع الرجل ظهره وساقيه بثوب أو غيره لوقوع العنان في قربوس السرج، فجاءت الاستعارة غريبة لغرابة الشبه(٢) [وقد تحصل] أي الغرابة [بتصرف في] الاستعارة

__________________

(١) هو ليزيد بن مَسْلَمَةَ بن عبدالملك من شعراء الدولة الأموية.

(٢) وجه الغرابة فيه أن الانتقال إلى الاحتباء عند استحضار إلقاء العنان على القربوس في غاية الندور، لأن أحدهما من وادى القعود والآخر من وادى الركوب مع ما في الوجه من دقة التركيب وكثرة الاعتبارات الموجبة لغرابة إدراكه.

۵۲۰۱