فَإنَّ الْجَامِعَ بَيْنَ الْعَدُو وَالطَّيرَان هُوَ قَطْعُ الْمَسافَةِ بِسُرْعة، وَهُوَ دَاخِلٌ فِيهِما، وَإمَّا


[فإن الجامع بين العدو والطيران هو قطع المسافة بسرعة وهو داخل فيهما] أي في مفهوم العدو والطيران، إلا أنه في الطيران أقوى منه في العدو، والأظهر أن الطيران هو قطع المسافة بالجناح، والسرعة لازمة له في الأكثر لا داخلة في مفهومه، فالأولى أن يُمَثَّلَ باستعارة التقطيع الموضوع لازالة الاتصال بين الأجسام الملتزقة بعضها ببعض لتفريق الجماعة وإبعاد بعضها عن بعض في قوله تعالى ﴿وَقَطَّعْنَاهُمْ في الاْرْضِ أُمَماً والجامع إزالة الاجتماع الداخلة في مفهومهما، وهي في القطع أشد، والفرق(١) بين هذا وبين إطلاق الْمِرْسِنِ على الانف مع ان فى كل من المرسن والتقطيع خُصَوصَ وَصْف(٢) ليس في الأنف وتفريق الجماعة هو أن خصوص الوصف الكائن في التقطيع مَرْعِيٌّ وملحوظ في استعارته لتفريق الجماعة بخلاف خصوص الوصف في المرسن، والحاصل أن التشبيه ههنا منظور بخلافه ثَمَّتَ(٣) فإن قلت قد تقرر في غير هذا الفن أن جزء الْمَاهِيَّةِ لا يختلف بالشدة والضعف فكيف يكون جامعا والجامع يجب أن يكون في المستعار منه أقوى، قلت امتناع الاختلاف إنما هو في الماهية الحقيقية(٤)والمفهوم لا يجب أن يكون ماهية حقيقية، بل قد يكون أمرا مركبا من أمور بعضها قابل للشدة والضعف، فيصح كَوْنُ الجامع داخلا في مفهوم الطرفين مع كونه في أحد المفهومين أشَدَّ وأقوى، ألا ترى أن السواد جزء من مفهوم الأسود أعنى المركب من السواد والْمَحَلِّ مع اختلافه بالشدة والضعف [وإما

__________________

(١) هذا جواب عما يقال ـ كيف يكون إطلاق التقطيع على تفريق الجماعة استعارة وإطلاق المرسن على الأنف مجازا مرسلا مع اشتراكهما في ذلك.

(٢) هو في المرسن كونه أنف ذى رَسَن وفي التقطيع كونه بين الأجسام الملتزقة.

(٣) ولو نظر إلى التشبيه في إطلاق المرسن كان استعارة أيضا.

(٤) وهي المركبة من الذاتيات، ويقابلها الماهية الاعتبارية وهي ما تتركب من أمور غير ذاتيات لها.

۵۲۰۱