نَحْوُ ـ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَاب أَلِيم.

وَبِاعْتِبَارِ الْجَامِعِ قِسْمَانِ: لِأَنَّهُ إمَّا دَاخِلٌ في مَفْهُومِ الطَّرَفَيْنِ نَحْوُ ـ كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً طَارَ إلَيْهَا ـ


تحقيقه في باب التشبيه [نحو ـ فبشرهم بعذاب أليم] أي أنذرهم، استعيرت البشارة التي هي الاخبار بما يظهر سرورا في الْمُخْبَرِ به للانذار الذي هو ضده بادخال الانذار في جنس البشارة على سبيل التهكم والاستهزاء، وكقولك ـ رأيت أسدا ـ وأنت تريد جبانا على سبيل التمليح والظرافة، ولا يخفى امتناع اجتماع التبشير والانذار من جهة واحدة وكذا الشجاعة والجبن.

[و] الاستعارة [باعتبار الجامع] أي ما قُصِدَ اشتراك الطرفين فيه [قسمان: لأنه] أي الجامع [إما داخل في مفهوم الطرفين] المستعار له والمستعار منه [نحو]قوله عليه الصلاة والسلام: خير الناس رجل ممسك بِعِنَانِ فرسه [كلما سمع هيعة طار إليها] أو رجل في شَعَفَة في غُنَيْمَة له يعبد الله حتى يأتيه الموت، قال جَارُ الله: الهيعة الصيحة التي يَفْزَعُ منها، وأصلها من ـ هَاعَ يَهِيعُ ـ إذا جَبُنَ، والشعفة رأس الجبل، والمعنى خير الناس رجل أخذ بعنان فرسه واستعد للجهاد في سبيل الله، أو رجل اعتزل الناس وسكن في رؤوس بعض الجبال في غنم له قليل يرعاها ويكتفي بها في أمر معاشه ويعبد الله حتى يأتيه الموت، استعار الطَّيَرَانَ لِلْعَدْوِ، والجامع داخل في مفهومهما

__________________

١ـ إذ الملك الْجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ

اتينا إليه بالسيوفِ نُعَاتِبُهْ

٢ـ هَبْ من له شيءٌ يريد حجابَهُ

ما بالُ لا شيء عليه حجابُ

في الأول استعارة تهكمية في قوله ـ نعاتبه ـ استعير فيها العتاب للضرب بالسيوف بادخاله في جنسه هزؤا وسخرية، وفي الثاني استعارة عنادية في قوله ـ لا شيء ـ استعير فيها اسم المعدوم للموجود لعدم غنائه.

۵۲۰۱